القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
محاضرة في حقيقة الالتزام
6908 مشاهدة print word pdf
line-top
معنى وحقيقة الالتزام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، نحمد الله ونشكره، ونثني عليه ونستغفره، ونشهد أن لا إله إلا هو، هو ربنا عليه توكلنا وإليه ننيب، ونحمده سبحانه على أن هدانا للإسلام، على أن هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ونحمده سبحانه على أن أقبل بقلوب شبابنا إلى طاعته، وإلى الالتزام بشريعته، وإلى تطبيق واتباع سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
ونتفاءل بما نسمع وبما نرى من هذا الإقبال على الدين، وعلى العلم، وعلى الشرع، وعلى التطبيق لدين الله سبحانه وتعالى، ونتذكر أن هذا من إقبال الدين الذي ورد فيه الحديث بلفظ: إن لهذا الدين إقبالا وإدبارا، وإن من إقباله أن تفقه العشيرةُ بأسرها, فلا يبقى فيها إلا المنافقُ والمنافقان، فهما مخذولان ذليلان مَهينان، إن تكلما طُرِدَا واضطهدا وأُبعدا، وإن من إدبار هذا الدين أن تجفو العشيرة بأسرها, حتى لا يبقى فيها إلا العالمُ والعالمان، والفقيهُ والفقيهان؛ فهما ذليلان مقهوران .
وقد كنا قبل ثلاثين أو أربعين سنة نكاد أن نيأس, ونقطع الرجاء؛ لما نراه من الأسباب التي تبعد عن الإسلام وعن الدين، ولما نراه من الجفوة ومن الإدبار، ومن السخرية والاستهزاء حتى في المتعلمين والمتفقهين، ولكن -والحمد لله- رأينا أن إقبال هذا الشباب على التمسك، وعلى الالتزام بالشرع، وعلى الاستقامة أن ذلك حصل له أثر بليغ، وكان من أثره هذه الصحوة الإسلامية، وهذا الإقبال على الإسلام وعلى الشريعة، وهذا التمسك بالدين، وهذه الاستقامة على الحق؛ فذلك مما يبشر بخير.
وحيث اختير لنا أن نتكلم على حقيقة الالتزام, أو كيفية الاستقامة وحقيقتها؛ فلا شك أن الالتزام كلمة عامة, تصدق على الالتزام بالشرع، والالتزام بغيره، ولأجل ذلك: الفقهاء يعبرون بكلمة الملتزم عن الذي يؤخذ عليه عهد أنه إما أن يعمل بأحكام الشريعة، وإما أن يُلزَم بها؛ فيدخل في ذلك الذميون الذين يلتزم معهم أن تطبق عليهم تعاليم الشريعة، يسمى أحدهم ملتزما.
ولكن اصطلح على أنها تطلق على المستقيم على الشرع، المتمسك به؛ وهذا هو الأولى أن نسمي المتدين نسميه: مستقيما، ونسميه: متمسكا بالشريعة, ونسميه: مطيعا لله, وعاملا بشريعته، ومتبعا لرسوله -عليه الصلاة والسلام- وهذا هو الواجب عليه، وهو ملتزم بذلك إن شاء الله.
أما حقيقة الالتزام: فمعروف أنها كون الملتزم يعمل بالسنة، كونه يستقيم على الشريعة، يعمل بها، وتعرفون أن الأعمال التي يعمل بها المتمسك والمستقيم إما أن تكون من الواجبات، وإما أن تكون من السنن، وإما أن تكون من نوافل العبادة, من نوافل الطاعات، وإما أن تكون من فروض الكفايات، كل هذه يتمسك بها الشاب الملتزم، فنذكرها على وجه المثال؛ حتى نعرف بذلك حقيقته، ثم نشير بعد ذلك إلى الحقيقة التي ينبغي أن يكون عليها.

line-bottom