تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
كلمة للعاملين في مكافحة المخدرات
3267 مشاهدة
المخدرات وأضرارها على العقل

نشكر الإخوة على هذه الجهود المبذولة، وندعو لهم بالتوفيق والسداد، والإعانة من الله تعالى على ما يقومون به من هذه المكافحة لهذه الأمراض الفتاكة التي تفتك بالقلوب، وتفتك بالأبدان، وتفتك بالأديان، وتكون نهايتها الخسران، ونقول: نوصيكم بالجد والاجتهاد فيما أنتم قد تصديتم له، وتقبلتموه من هذه الأعمال.
لا شك -كما تسمعون وكما تنظرون في هذه اللافتات وفي هذه الصحف- أنكم قد عرفتم الضرر الذي ينتج من هذه الأشياء الثلاثة: المخدرات والمسكرات والدخان، ويلحق بها أيضا ما يسمى بالقات الذي –أيضا- فتك بكثير من الأبدان، وأهلك وأتلف الكثير من الأموال.
وكل شيء فيه ضرر على الأبدان أو على العقول فإن الشرع يحرمه ويؤكد تحريمه، يدخل في الخبائث التي تنفر منها العقول؛ فإن العقول قبل أن يأتي الشرع تنفر من الأشياء المستقذرة، التي لا نفع فيها بل فيها ضرر، من ذلك المسكرات، عرف العرب -قبل أن تحرم- تحريمها وضررها، وإن كانوا يفتخرون بشربها في الجاهلية، لكن العاقل منهم عرف ضررها أو نقصها.
ذكروا عن واحد من أشراف العرب أنه سكر في ليلة مقمرة ثم جعل يتناول القمر كأنه يخيل إليه أنه يقبضه، فجعلوا يضحكون عليه، ولما صحا أخبروه فقال: الشيء الذي يجعلني ضُحكة للعامة لا أريده ولا أرغبه. وهو كافر، ولكن رأى أنه لما كان يضر بالعقول ويزيل العقل؛ رأى أن تركه مما يدعو إليه العقل السليم؛ فلأجل ذلك نقول: إن كل شيء يضر بالعقل فإن الشرع يحرمه، لماذا؟ لأن العقل هو ميزة الإنسان، فبالعقل كلفه الله، وبالعقل ميزه على الإبل والغنم والبقر، وإذا فقد عقله كان أقل حالة من البقر ونحوها، يقال له: أنت بقرة. لو قيل له لغضب ولاستاء من هذه المقالة، ولكنه في الحقيقة أقل حالة من البهائم.
ولأجل ذلك ذكر الله تعالى أن الذين لم يُعمِلوا عقولهم كالبهائم أو أضل في قوله تعالى: لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ وذلك لأن الأنعام والبهائم مسخرة لما خلقت له، وتعرف صالحها، تعرف ما ينفعها وما يضرها، لو مثلا أنك حملتها على أن تسقط في بئر أو في ماء أو في بحر لامتنعت وتوقفت؛ لأنها تعرف أن فيه هلاكها، ولكن فاقد العقل لا يشعر بشيء من ذلك، ولا يدري ما حالته.
كما ذكروا أن رجلا سكر، ولما دخل على أمه -وهي تسجر التنور لتخبز فيه طعامهم- عاتبته على ذلك، فحملها وألقاها في التنور واحترقت -والعياذ بالله- لأنه ليس معه عقل يحجزه، فهكذا نقول: إن تعاطي هذه المخدرات يفسد العقول، ويسلب الإنسان ميزته، ويسلبه معرفته؛ فلأجل ذلك لا بد من المكافحة لهذه المخدرات والمسكرات والدخان والقات، ونحوه من كل ما يهلك الأموال، ويهلك الأبدان وينهكها، ويضعف العقول أو يتلفها.