الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
كلمة للعاملين في مكافحة المخدرات
2901 مشاهدة
أدلة تحريم المخدرات

فأولا: لا بد أنكم قرأتم في هذه النشرات أدلة كثيرة على تحريم الخمر، حتى قال -صلى الله عليه وسلم- حقا على الله أن من شرب الخمر أن يسقيه من طينة الخبال؛ عصارة أهل النار لا بد أنه يدخل النار وأنه يسقى من عصارة أهل النار، عصارة فروجهم وعصارة عرقهم ونحو ذلك، وجاء الحديث بعقوبته ولو بالقتل، ثبت في الحديث عن أحد عشر صحابيا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب الرابعة فاقتلوه ؛ يعني أنه إذا لم ينزجر من ثلاث مرات واستمر إلى الرابعة فليس له إلا القتل.
وإذا كان هذا في شارب الخمر فكيف بغيره! كيف بمتعاطي المخدرات؟ فإنه أولى بأن يقتل وأن يقضى عليه؛ وذلك لأن ضرره أكبر، فلذلك -كما تعرفون- العلماء أفتوا بأنه يقتل قطعا لدابره وقطعا لشره، وقطعا للشر وقضاء على الفساد، وبذلك يحمي الله تعالى المؤمنين عما يضرهم، ويعيشون في خير وفي رفاهية، ولهم -والحمد لله- ما يتمتعون به من الطيبات بدل الخبائث.
فالله تعالى أباح الطيبات وأحلها، وحرم الخبائث وبين تحريمها؛ في قوله تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وفي قوله تعالى: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ .
فالطيبات هي التي يكون لها نفع في البدن وفي العقول وفي الحواس، أباحها الله تعالى وجعل فيها فائدة يعرفها كل ذي عقل، والخبائث كل ما فيه مضرة على العقول أو على الأبدان أو على الأموال أو نحوها؛ ولأجل ذلك فإن أهل العقول يتجنبون ما يفسد عقولهم، وكذلك أيضا ينهون أولادهم عن أن يتعاطوا شيئا مما يفسد عليهم عقولهم، ولا ينهوهم عن الطيبات.
هل رأيت أحدا ينهى أولاده عن شراب طيب، عن اللبن مثلا أو عن العسل، أو عن شراب أو عصير برتقال أو تفاح أو نحو ذلك، أو عن أكل مثل هذه الفواكه؟ ما رأيناهم؛ بل يعرفون أنها نافعة وأنها طيبة، ومع ذلك فإنهم ينهون أولادهم عن هذه المخدرات ويحذرونهم، وينهونهم عن تعاطي الدخان، وتعاطي المسكرات التي تضر بالعقول، كما أن كل ذي عقل يعرف قبح الأشياء المحرمة أو النجسة لخبث آثارها، ولو لم يكن هناك دين، لو لم يكونوا من أهل الدين، بل يعرفون قبح آثارها السيئة؛ فلأجل ذلك يحذرونها ويحذرون منها.
لما أن الأمريكان أنتجوا هذا الدخان صاروا يجنون من فوائده المليارات، ولكن بعد مدة بحثوا، وجدوا فيه سما محققا، مادة يقال لها النيكوتين؛ فلأجل ذلك منعوا شربه في طائراتهم وفي سياراتهم –الحافلات- ومنعوا أن يتعاطاه الصغار، وعاقبوا أو قتلوا من يشربه وهو دون السابعة عشر؛ لأنهم يعرفون ضرره، وليس ضررا دينيا، ولكنه ضرر عقلي، وضرر دنيوي، وهكذا غيرهم من كل من عرف هذه الأضرار، فإنهم يمنعون منها منعا باتا.
ولما ابتلينا به في بلادنا، وجاء به الأعداء وأظهروا تعاطيه وشربه، وكثر الذين يتعاطونه، وكثرت الدعايات لمروجيه، وللتجار الذين يجنون من وراءه فوائد مالية؛ ألزمت الحكومة المصدرين له أن يحذروا، فيكتبوا عليه تحذير رسمي: الدخان يضر بالصحة ننصحك بالامتناع منه تجدونه على كل علبة من عُلَبِه، لا شك أن هذا شعور منهم بأنه محرم وأنه ضار، وأن تحريمه ليس دينيا ولكنه تحريم عقلي، فنقول كذلك: كل ما يضر بالبدن أو ما يضر بالعقل أو ما يتلف الأموال ننصح بالتحذير منه وبالقضاء عليه.
في القرون الوسطى خرج هذا الأكل القبيح الذي يسمى بالحشيش، وعرفت بهذا الاسم، ولما انتشرت حذر منها العلماء، وشبهوها بأقبح التشبيهات، ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية المتوفى سنة سبعمائة وثمان وعشرين -أي في القرن الثامن- وقال: إن الخمر بمنزلة الأبوال، وإن الحشيش بمنزلة الغائط -نعوذ بالله-؛ يعني في قبحها وفي آثارها، ولو رأوا هذه المخدرات لرأوا أنها أقبح من هذه الأشياء، وأنها أولى بأن تكون أشبه بالميتة والدم ولحم الخنزير والغائط وما أشبه ذلك من الفضلات النجسة.
فابذلوا جهدكم -وفقكم الله- بما تستطيعونه، وأبشروا بالنصر والتمكين، وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ .
نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لكل ما ينفع البلاد والعباد، وأن يعينكم على ما تصديتم له، وأن يجزيكم بحسن عملكم وبحسن قصدكم وبحسن نياتكم أفضل الجزاء، وأن يوفق الحكومة التي شنت الغارة على هذه الأمراض، وأن يعينهم ويجزيهم على النصح للمسلمين والمواطنين أفضل الجزاء، إنه على كل شيء قدير، والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد .