(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
محاضرة في السعيرة
5554 مشاهدة print word pdf
line-top
حق المسلم على المسلم

كذلك بلا شك أن من حقوقهم الأشياء التي تثبت المحبة فيما بين المسلمين، فإن المسلم أخو المسلم، والواجب عليه أن يحب إخوته المسلمين، وأن يأتي بالأسباب التي تثبت المحبة في القلوب محبة المسلم للمسلم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه المراد بأخيه أخوه المسلم أخوك في الإسلام، ولو كان بعيدا في النسب ولو كان أعجميا، ولكن يجمعك وإياه الدين، فله حق عليك وهو أن تحب له ما تحب لنفسك.
فنقول أيضا: إن حقوق المسلمين بعضهم على بعض كثيرة، وإن عليهم أن يحرصوا على أداء هذه الحقوق، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم .
لا تدخلوا الجنة يعني: دخولا أوليا. حتى تؤمنوا تكونوا من المؤمنين. ولا تكونون من المؤمنين حقا حتى تتحابوا يحب بعضكم بعضا محبة دينية، أرشدهم بعد ذلك إلى الأسباب التي يتحابون بها وهي حقوق المسلمين بعضهم على بعض.
فالمسلم عليه أن يكرم إخوانه المسلمين، وليس الإكرام فقط أن يكرمهم بأنواع الأطعمة والأشربة والمأكولات وما أشبهها، ولكن الإكرام حقا هو أداء الحقوق التي لهم ونصيحتهم والأسباب التي تثبت المودة فيما بينهم.
فمن ذلك إفشاء السلام، جعله النبي -صلى الله عليه وسلم- من أسباب المودة والمحبة، تسلم على أخيك كلما لقيته، وإذا كنت تسير وإياه وحالت بينكما شجرة فإنك تسلم عليه.
كذلك أيضا تساويه أو تؤثره إذا رأيته محتاجا، تفرج كربة أخيك إذا وقع في كربة أو هم أو غم، تسليه تنفس عنه ما هو فيه من الحاجة الشديدة وما أشبه ذلك.
كذلك أيضا تعوده إذا مرض وتنفس له في أجله، وتعزيه إذا أصيب بمصيبة وتدعو لميته، وتحثه على الصبر وعلى التحمل وعلى الرضا بقضاء الله تعالى وبقدره.
كذلك أيضا تنفعه، تشفع له إذا رأيته محتاجا، وتدله على من يفرج كربته، وعلى من ينفس له فيما وقع فيه من الأزمات والكربات التي تشتد عليه.
كذلك أيضا تدله على الخير الذي تعلمه له وتحذره من الشر، إذا رأيته وقع في منكر، فتقول له: إني أحب لك ما أحب لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي، وإنك وقعت في هذا الأمر وإنه من المنكر، إذا رأيته يتكبر على عباد الله تنصحه عن الكبرياء، إذا رأيته يعجب بنفسه ويمدح نفسه تنصحه وتبين له أن الإعجاب قد يبطل العمل.
إذا رأيته أيضا يعصي بمعصية كأن رأيته يسبل ويجر ثيابه، أو رأيته يحلق لحيته أو يطيل شاربه وشعره والأشياء التي أُمر بأن يزيلها، أو رأيته مثلا يشرب مسكرا أو يشرب الدخان الخبيث المنتن، أو رأيته يهمل شيئا من العبادات، أو يُدخل بيته شيئا من آلات الملاهي التي تصد عن ذكر الله وعن الصلاة وعن العبادة، أو يلعب الميسر والقمار ويضيع وقته فيما لا أهمية له، أو رأيته يصحب الأشرار ويجالسهم ويقتدي بهم، أو يخشى عليه أنهم يفسدونه، يفسدون عليه عقيدته أو يفسدون عليه عبادته، أو رأيته يعق أبويه أو يقطع رحمه، علمت ذلك منه، أو رأيته يهمل نفسه ويهمل حق الله تعالى عليه.
أليس حقا أن ندله على الخير؟
لأنا نعرف أنه يحب الخير، فننصحه ونقول له: نحن إخوتك إخوة لك في الدين، نحب لك ما نحب لأنفسنا، نكره لك ما نكره لأنفسنا، نحب لك أن تكون عبدا صالحا مستقيما تفعل الخير وتواظب عليه, وتبتعد عن الشرور وتنكرها، نحب لك أن تكون من عباد الله الصالحين المصلحين الذين يحبون الله تعالى ويحبون أوامره ويفعلون ما أمرهم به، ويتركون ما نهاهم عنه، نحب لك أن تكون من أهل الصلاح والاستقامة على الخير وعلى الطاعة، وعلى ترك المحرمات وما أشبهها، نحب لك أن تكون قدوة حسنة، قدوة حسنة لأهلك ولأولادك ولأهل بيتك يقتدون بك فيما ينفعهم، ونكره لك ما نكره لأنفسنا.
إذا كان كذلك فإنه يقبل، تذكره بأنه عبد لله، تقول له: يا أخي أنا وإياك نحن عبيد, عبيد لله مملوكون لله.
الله تعالى هو الذي خلقنا وهو الذي رزقنا، وهو الذي أنعم علينا وأطعمنا وسقانا, وهو الذي ربانا تربية حسنة، فإذا كنا كذلك فكيف مع ذلك نتمادى في معصية الله، ونفعل ما حرم الله علينا؟
ألا نعترف بفضله، ألا نعترف بعبادته، وبالعبودية له؟
ألا نتوب إليه؟ فإنه ربنا وخالقنا، إنه يحب التوابين ويحب المتطهرين، تب إلى الله من هذا الفعل، تب إلى الله من تركك للصلوات، ومن منعك للحقوق، ومن أذاك لإخوانك المسلمين، لا تستهزئ بمسلم ولا تسخر منهم، ولا تستطل عليهم، ولا تتكبر على الله، أقبل إلى الله وتب إليه؛ فإنك عبد ضعيف أنت عبد ضعيف مملوك، الله تعالى هو الذي يتصرف فيك، وهو الذي يعطيك ويمنحك إذا شاء، وهو الذي إن شاء حرمك، يقدر على أن ينتقم منك؛ فإنه عزيز ذو انتقام.
ألا تذكر أنه هو الذي خولك، وأنعم عليك في صغرك؟
ألا تتذكر أنه سبحانه هو الذي يحيي ويميت، يحيي الأموات ويميت الأحياء، يغني الفقراء ويفقر الأغنياء، يعز الأذلاء ويذل الأعزاء، يخفض هؤلاء ويرفع هؤلاء، يطعم هؤلاء ويجيع هؤلاء؟
ألا تتذكر أنه ما خلقنا عبثا ولا تركنا هملا، بل خلقنا لأمر عظيم وهيأنا لأمر جسيم، إلى متى هذا التمادي في الغفلة؟
ألا كيف تغفل عن ربك وتتمادى في غفلتك؟
إنك في هذه الغفلة وهذا السهو وهذا اللهو فيقسو بذلك قلبك، وإذا قسا القلب فإنه يكون بعيدا عن رحمة الله تعالى كما قال تعالى: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وأبعد القلوب من الله القلب القاسي، فالغفلة تقسي قلبك، وكذلك المعاصي تقسي قلبك وتثقل عليه العبادة والطاعة.
كذلك أيضا المعاصي والسيئات ونحوها كلها تقسي القلب، فابتعد عن ما يقسي قلبك، وجالس أهل الخير، وجالس مجالس الذكر، وأكثر من قراءة القرآن، وأكثر من دعاء الله تعالى حتى يلين قلبك، تذكر قول الله تعالى: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ وقوله تعالى: ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ .
فافعل الأشياء التي ترقق القلب وتلينه، ويكون بها صاحبه منيبا إلى الله تعالى خاشعا خاضعا.
فهذه هي توجيهاتنا لإخواننا المسلمين الذين يشاركوننا في أنهم مسلمون، وأنهم من أهل الدين ومن أهل الإسلام، فنوجههم بهذه التوجيهات، ونعلم أن لهم علينا حقا، ونخشى إذا تركناهم وأهملناهم أن ينالنا الإثم وتعمنا العقوبة معهم.
فإذا قمنا بهذا الواجب نحو إخوننا المسلمين: فعلمناهم وأرشدناهم ونصحناهم ودللناهم على الخير، وأمرناهم بالمعروف ونهيناهم عن المنكر، ونصحنا لهم وذكرناهم، فإن تابوا فهو حظهم في الدنيا والآخرة، وإن أصروا واستكبروا سلمنا من الإثم وسلمنا من العقوبة، وخصهم الله تعالى بعقوبتهم عاجلا أو آجلا.
نعوذ بالله من الحرمان، نسأله العفو والغفران، نسأله سبحانه أن يقبل بقلوبنا على طاعته، وأن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يسلك بنا وبكم جميعا الصراط السوي، نسأله سبحانه أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب، وأن يمكن لنا ديننا الذي ارتضاه لنا، وأن يبدلنا بعد الخوف أمنا وبعد الذل عزا وبعد القلة كثرة وبعد الضعف قوة، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ويصلح أئمة المسلمين وعامتهم، ويجعل أئمة المسلمين هداة مهتدين، وأن يبرم لهذا الأمر رشدًا يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعاصي، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد
أسئـلة
س: جزاك الله خيرا, فضيلة الشيخ, الأسئلة كثيرة، منها هذا السؤال،
السؤال الأول: يكثر عند بعض القبائل تحجير النساء فما هو الحكم؟
ثانيا: ما حكم نظر الرجل إلى المخطوبة قبل الزواج ؟ لأن هناك أناسا يرفضون ذلك -جزاكم الله خيرا-.
الحجر من الأمور الجاهلية، ما يجوز لك أن تحجر قريبتك بنت عمك أو بنت خالك، وتقول: أحجرها لا تزوجوها غيري، إذا كانت لا تريدك فلا تتحجر عليها؛ لأن المرأة إنما ترغب من تميل إليه، أو من تظن به أنه رجل صالح.
فأما كونه يحجر امرأة ويقول: أنا أحق بها. فإن هذا من الظلم. هذا هو الواجب.
أما النظر إلى المخطوبة فإذا طلب ذلك، وكان معروفا بأنه راغب في الخطبة وأنه كفء وأنه أهل وعلموا بأنهم لا يردونه، فلا مانع من أن ينظر إلى وجهها وإلى شعرها قائمة أو قاعدة إذا كان ذلك عن صدق، لكن بعض القبائل قد يستحون ويقولون: ابنتنا لا تخرج ولا ينظر إليها أحد، ففي هذه الحال له أن يرسل أمه أو أخته لتنظر إليها وتخبره بصفتها، ويكتفى بذلك.
س: جزاكم الله خيرا، فضيلة الشيخ, من أعطاه الله خيرا كثيرا، ولكن يؤجر ما يملكه من عقار للبنوك الربوية كالرياض والأهلي؟ كبنك الرياض.
نرى أن هذا لا يجوز لأنه من التعاون على الإثم، إذا علم بأن هذه البنوك أنها تتعامل بالربا وببيع ما ليس عندهم، فنرى أنه يلتمس غيرهم وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .
س: جزاك الله خيرا، فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أريد أن أسأل فضيلتكم عن، تقول السائلة امرأة: أصابني مرض مفاجئ، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولقد حلفت إن ذهب المرض عني سوف أصوم كل يوم اثنين وخميس طوال حياتي وعندما شفيت من الله صمت عدة أيام، إلا أنني تعبت من الصيام، وأرجو منكم النصيحة.
عليها أن توفي بهذا النذر، فليس فيه تعب -إن شاء الله- يعني: كان كثير من المسلمين رجالا ونساء يواظبون على صيام الاثنين والخميس، يومين في كل أسبوع يصوم يومين ويفطر خمسة أيام؛ وحيث إنها نذرت فالنذر يجب الوفاء به، فعليها أن تواظب على ذلك، وتحرص على أن لا تترك ما عاهدت ربها عليه.
س: جزاك الله خيرا، سائل يقول: شخص عمل الفاحشة قبل أن يعزر، والآن أحس كلما حدث أي شيء لي بأن الله يعاقبني، فهل من توبة على الرغم من أن الله سترني، أو لا بد من الاعتراف لتطبيق الشرع ؟
عليه أن يستر نفسه، قد ورد في الحديث من وقع في شيء من هذه القاذورات يعني: الزنا واللواط ونحوه.. فليستتر بستر الله يستر إذا ستر الله عليه فليستتر، ولا يبدي صفحة عنقه، فإنه من أبداها للقضاة ونحوهم فلا بد أن يقام عليه الحد.
عليه أن يتوب توبة صادقة، ويكثر من الأعمال الصالحة: يكثر من الذكر والاستغفار، وصلاة الليل، والصيام، وقراءة القرآن، ويدعو الله تعالى يكثر من دعائه؛ فالله تعالى يقبل منه ويتوب عليه، ولا يفضح نفسه.
س: جزاك الله خيرا، فضيلة الشيخ، ما حكم الدعوة إلى الإسلام ؟
واجبة على كل من كان قادرا أن يدعو المسلمين إلى أن يتمسكوا بالإسلام، ويدعو الكفار إلى أن يدخلوا في الإسلام، إذا قدر على ذلك ورأى أنهم عندهم جهل وقدر على أن يكشف ذلك لهم, فلعلهم أن يتوبوا ويستغفروا.
س: هناك ما يسمى بالحنة السوداء، وهي خلطة مثل الحناء يعطي اللون الأسود، ما حكم ذلك؟
لا يجوز الصبغ به، صبغ الشعر الأبيض الرأس للمرأة أو اللحية للرجل لا يجوز أن يسود، لقوله في الحديث: واجتنبوا السواد والاجتناب الإبعاد عنه, ولو كان اسمه حناء فإنه صبغ أسود.
س: سائل يسأل أريد أن أطرح عليكم سؤالا ألا وهو: لدي ولد وعمره الآن خمسة عشر، وأنا بذلت كل ما في وسعي في نصيحته من أجل أن يحافظ على الصلاة وهو لا يستمع إلى نصائحي وكذلك لا يستمع وكذلك والدته، والآن ما الحكم علي هل أظل في نصحه، أو أتركه؟ أو ماذا أفعل؟
عليك أن تكرر النصح، وعليك أن تهدده: بالضرب وبالحبس وبرفع أمره إلى الهيئة أن يحبسوه ويجلدوه، فلعله يتوب، إذا لم يتأثر بالنصيحة فلا بد من العقوبة.
وفي هذه الحال لو تلتمس بعض الشباب الصالحين أن يقترنوا به رجاء أن يتأثر بهم، العادة أن الشباب يتأثر بعضهم ببعض، إن كانوا صالحين صلح من كان قرينا لهم، وإن كانوا فاسدين فسد من اقترن بهم، فاحرص على أن هناك نخبة من الشباب الصالح يحتضنونه ويجالسونه، يذهبون به إلى المكتبات الخيرية وإلى أماكن الذكر لعله أن يتأثر.
س: هذه سائلة تسأل عن مشكلة لها، وهي أنها حفظت القرآن ثم بعد ذلك نسيت القرآن ؛ وذلك لأنها ربة بيت ومسئولة عنه، وتقول: ...... ضيق في صدري ولا أعرف السبب, فماذا أفعل؟ -جزاكم الله خيرا-.
لا شك أن هذا يقع من شيء من الأسباب، نقول: عليها أن تكثر من دعاء الله رجاء أن تشفى من هذا الذي يصدها عن الخير وعن قراءة القرآن، تكثر من الدعاء والذكر والاستغفار.
وكذلك أيضا تفعل ما تقدر عليه من الصلاة والتطوعات لعل هذا يصير سببا في شفائها، أما نسيان القرآن فإذا كانت تقرأه في المصحف فإن ذلك لا يكون فيه إثم، إذا كانت تواظب على قراءته.

س: جزاك الله خيرا، يقولون: إن بعض البنوك يبيع سيارات بالأقساط إذا كان راتبك محولا إليه فهل يجوز أن أشتري سيارة منهم وهم لا يملكونها؟
لا تشتر إلا بعد ما يملكون، إذا كان راتبك عندهم ولا تقدر على تحويله عند غيرهم فلك أن تشتري منهم ولكن بعد ما يملكون، إذا قلت مثلا: أريد شراء السيارة التي تقع في المكان الفلاني عند المعرض الفلاني، فقالوا: نحن نشتريها لأنفسنا ونرسل من يستلمها ويغيرها من موضعها، وبعد ما نشتريها لك الخيار: إن شئت اشتريتها وإن شئت تركتها، في هذه الحال يجوز، إذا ملكوها قبل أن يبيعوها عليك.
س: جزاك الله خيرا يا فضيلة الشيخ، ما حكم إنكار العين الحسد ؟ وكيف نؤدب من أنكرها مع ثبوت الأدلة بها؟
نبين لهم الأدلة؛ وذلك لأن الذين ينكرونها كأنهم ينكرون الشيء الذي لا تدركه العقول، يقولون: كيف يتوجه العين؟
وكيف هذه العين التي هي حدقة صغيرة، ومع ذلك تضر من توجهت إليه؟
لا شك أن هذا يعتبر إنكارا لشيء محسوس، وتبين لهم الأدلة، أما الحكم عليهم فإنهم ما أنكروا إلا الشيء الذي ما شاهدوه، يحدث هذا كثيرا.
س: جزاك الله خيرا، فضيلة الشيخ, ما رأيكم في لبس عباءة الكتف داخل صالة الأفراح وإذا خرجت المرأة تلبس لباس الحجاب الشرعي الكامل؟
ما ينبغي للمرأة أن تعود نفسها على الشيء الذي فيه شيء من التشبه، إذا كان عليها عباءة فتجعلها على رأسها، وإذا شق ذلك عليها في مجتمع النساء فلها أن تلقيها وتجلس مع النساء بدون عباءة، وكذا لكن إذا كان احتاجت مثلا إلى أن تعمل بيديها أو تشتغل فلها أن تفعل ذلك ولو كانت العباءة على رأسها، هذا هو الأصل.
س: جزاك الله خيرا، فضيلة الشيخ, يكثر عند فئات من المجتمع الكشف عن أجنبية مصافحة أحيانا لا سيما بنت العم وزوجة الأخ وأخت الزوجة، وإذا نصحتهم قالوا: إننا لا نقصد شيئا، بل نحن على نياتنا ولدينا الشهامة ومرجعية تمنعنا من الحرام، وإنما نقصد صلة الرحم وزيادة المحبة والارتباط؟
ولو كان كذلك، فإن الشرع ما أباح إلا الأشياء التي لا ضرر فيها، فنحن نقول: عليكم أن تلتزموا بالشرع وبتعاليمه، فلا يجوز للمرأة أن تكشف إلا على محارمها، ولو كان ذلك الإنسان الذي تكشف عليه الأجنبي لو كان ثقة أو مأمونا أو تقيا أو عبدا صالحا, أو قريبا كابن عم أو زوج الأخت أو أخو الزوج أو ما أشبه ذلك, هؤلاء أجانب فلا يجوز أن تكشف عليهم، ولو قال: إن ذلك من صلة الرحم، صلة الرحم تسلم عليها وهي متحجبة، ولا تمسها لا تمس يديها ولا تصافحها، ولا تلزمها بأن تكشف لك، وهي أيضا عليها أن تستر وجهها عن كل أجنبي.
الله تعالى أباح لها أن تكشف لمحارمها: زوجها وابنه، وأبوه وأبوها، وإخوانها، وأبناء إخوانها، وأبناء أخواتها، وعمها، وخالها، وهؤلاء هم محارمها، فغيرهم أجانب.
س: جزاك الله خيرا، فضيلة الشيخ, تقول السائلة: والدتي لها بيت عليه قرض من البنك العقاري، وليس لديها دخل حتى الضمان الاجتماعي، وأنا ابنها أتقاضى راتبا بسيطا، لا يغطي المصروفات، فهل هذا يعتبر دينا على الوالدة يجب سداده، علما بأني لا أستطيع السداد؟
لا شك أنه يتحول الدين عليك الذي ورثت هذا العقار، فبرأت ذمة الوالدة التي ماتت وصار الدين على من هذا العقار ملكا له ؛ لأن البنك ما شغل ذمة خاصة، وإنما شغله في هذه العمارة، فمن ملكها فهو المطالب، احرص على أن توفيه لأنه أصبح دينا في ذمتك.
س: جزاك الله خيرا، فضيلة الشيخ, إذا كان الشخص له قريب متوفى، وللمتوفى مبلغ من المال عنده هل يوزعه، يوزعه على ورثته، علما بأنهم إخوان، وأم أخوات، أم يتصدق به له في بناء مسجد مثلا، أم يخص به إخوته المحتاجين فقط دون الإخوة الأغنياء؟
لا شك أن هذا تركة، والتركة تكون بين الورثة غنيهم وفقيرهم فإذا كانوا كذلك فإنك تعطي كل ذي حق حقه، فمن سمح منهم من نصيبه من الميراث وقال: أنا غير محتاج. فأعطه الآخرين المحتاجين، أو إذا قال: اصرفه في خير: تعطيه جمعية، أو تتصدق به على مسكين، أو تساهم به في بناء مسجد، أو ما أشبه ذلك إذا سمح بذلك. وأما إذا لم يسمح فأعط كل ذي حق حقه.
س: جزاك الله خيرا، فضيلة الشيخ، بعض الكفلاء يؤخرون رواتب العمالة أشهرا كثيرة مع القدرة على الدفع لهم، نأمل النصح لهم في دفع الرواتب بذلك كما أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
هذا من الظلم، هؤلاء العمال مساكين، جاءوا من بلادهم فارقوا أهلهم وفارقوا أولادهم وفارقوا قبائلهم، لماذا؟
لأجل أن يتكسبوا، يعطى أحدهم مثلا بعضهم راتبه خمسمائة أو ستمائة إلى أمثال هذا، ولا شك أنه شيء قليل بالنسبة إلى المواطنين، ومع ذلك لهم عوائل هناك، وربما يكون عليهم ديون، فكيف مع ذلك لا يعطيهم حقهم؟
الواجب عليه أن يعطيهم حقهم كاملا في وقت حلوله، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه معلوم مثلا أنه إذا عمل عندك يوما، فإنه من تعبه قد يعرق، فأعطه أجرته قبل أن ييبس العرق الذي في جبينه، ونحو ذلك.
لا شك أن هذا حث على إعطائهم حقوقهم، وورد الوعيد فيمن استأجر أجيرا أو أجراء فاستوفى عملهم ولم يعطهم حقهم، فانصحوا هؤلاء وبينوا لهم أن هذا من الظلم، وأن الظلم ظلمات يوم القيامة.
س: جزاك الله خيرا، فضيلة الشيخ, ما هو رأي سماحتكم في جماعة التبليغ، والخروج معهم بأيام محددة كالخروج مثلا ثلاثة أيام أو أربعين يوما أو أربعة أشهر، وحلقات الذكر التي يعملونها, أرجو توضيح ذلك؟
إذا كان هؤلاء من المواطنين من المملكة وكانوا ممن قرأ العلم قرءوا في المدارس وفي المعاهد العلمية أو في الجامعات أو جلسوا في الحلقات، وكان عندهم علم وعندهم كتب علمية، فإننا لا نتهمهم بأنهم مبتدعة.
بل إنهم من الدعاة إلى الله تعالى وأن لهم تأثيرا ونفعا كبيرا حيث إنهم يدعون إلى الله تعالى بالقول وبالفعل، لا يتهمون بأنهم يعملون المعاصي ولا أنهم على بدعة؛ فلا يشركون ولا يدعون الأموات ولا يعكفون عند القبور، ولا يدعون إلى فعل الفواحش ولا يستمعون الأغاني ولا الملاهي، ولا يسبون مسلما ولا يتمسخرون بأهل الخير.
فإذا كانوا كذلك فإنهم من أهل الخير، ثم إنهم أيضا مجالسهم مجالس علم ومجالس ذكر: يذكرون بالله تعالى ويذكرون بآياته ويذكرون بالصحابة وبالسلف الصالح وبأهل الخير، ويدعون إلى الاقتداء بهم.
فنقول: لا بأس بالخروج معهم ثلاثة أيام أو أربعة أو أسبوعا أو أكثر أو أقل، الذي يخرج معهم يستفيد من أفعالهم، يرى أنهم يواظبون على الذكر على ذكر الله تعالى أذكار الصباح وأذكار المساء، يرى أيضا أنهم يواظبون على النوافل الصلوات قبل الفرائض وبعدها وكذلك صلاة الليل أو ما تيسر منها، وصلاة الضحى أو ما تيسر منها، يواظبون أيضا أو يحثون على فضائل الأعمال: على رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الداعي، ونصر المظلوم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على حسب جهدهم وعلى حسب علمهم.
أما إذا كانوا صوفية فلا يجوز الخروج معهم، كثير منهم في الهند والسند والباكستان وتلك البلاد، وكذلك بعض البلاد الإفريقية يوجد فيهم صوفية، هؤلاء الصوفية علامتهم مثلا أنهم يعظمون الأموات ويدعون الأموات، فتجدهم يدعون عبد القادر يا عبد القادر أو يا جيلاني أو يدعون مثلا يا رفاعي يا حسين يا سيدة زينب يا فلان فهذا شرك، أو يعتقدون أنهم مستغنون عن الشريعة عن الشرع وعن أهله وهذا أيضا كفر، فإذا كانوا يطوفون بالقبور كما يفعل ذلك كثير منهم في الهند ونحوها، أو يتمسحون بتربة الأموات بتربة القبور، أو ينذرون للأموات، أو يحلفون بغير الله، فمثل هؤلاء لا يجوز إقرارهم، بل ينكر عليهم ويبتعد عن صحبتهم.
س: جزاك الله خيرا، فضيلة الشيخ, العزاء, ما حكم التعزية في المقبرة وما رأيكم في إقامة الولائم في العزاء وشد الرحال إليها؟
التعزية سنة، من عزى مصابا فله مثل أجره فالتعزية سنة، وهي أيضا من حقوق المسلمين بعضهم على بعض.
جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- من الحقوق أن تعود المريض، وأن تتبع الجنازة؛ لأن في ذلك تسلية لأولاد الميت، التعزية سنة.
كذلك أيضا التعزية يجوز السفر إليها ولو من بعيد، ولو أن تأتي مثلا من مسيرة مائة كيلو أو مائتين لأجل أن تعزي صاحبك في أبيه أو في أخيه أو نحو ذلك.
وأما صنع الطعام فيجوز بلا إسراف، إذا مات ميت وله أولاده وإخوته فإن حر المصيبة يمنعهم من أن يهتموا بإصلاح الطعام، فيجوز لقريبهم أو لجارهم أن يصنع لهم طعاما، ورد ذلك في قوله -عليه السلام- اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم ولكن بدون زيادة وبدون إسراف.
س: جزاك الله خيرا، فضيلة الشيخ, كلمات سائدة على الألسن ما حكم الشرع فيها: بالعون، الله ينشد عن حالك تغدى عندك الرحمن، معك الرحمن؟
ينبغي تركها؛ لأن هذه الكلمات ليس لها أصل، كلمة بالعون كأنها حلف، حلف بشيء يستعان به، كأنه يقول: أحلف بالعون. وهذا إذا كانوا يقصدونه...، وإن كان العامة لا يستحضرون أنها حلف بغير الله، أما كلمة: الله ينشد عن حالك. فهذا أيضا خطأ، الله تعالى لا يسأل عن أحد ولا ينشد عن حال أحد؛ لأنه لا يخفى عليه شيء من أحوال العباد، بل يعلم أحوالهم فضلا عن أن يسأل غيره، فإنك إذا قلت: الله يسأل أو ينشد عن حالك. اتهمت الله بأنه جاهل وأنه ينشد غيره، يسأل غيره عن حال هذا الإنسان، إذا أردت ذلك فقل بدلا من هذه الكلمة: الله يثيبك أو الله يجزيك على سؤالك أو ما أشبه ذلك.
وأما كلمة: تغدى عندك الرحمن أو ما أشبهها. فمعلوم أيضا أن الله تعالى غني عن مثل ذلك، يقول الله تعالى: وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ فلا يقال: إن الله تعالى يعني: يتغدى بمعنى أنه يأكل -تعالى الله عن ذلك- وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ويقول تعالى: وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ .
وأما قولهم: معك الرحمن. فلا بأس بها إذا أراد بذلك المعية الخاصة كقوله تعالى: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا يعني: الله معنا بحفظه وحمايته ورأفته ونصره وتوفيقه.
بسم الله الرحمن الرحيم.
س: فضيلة الشيخ، ما حكم إجبار الوالد ابنته على من لا تريده سيما مع فارق السن، وماذا نفعل بعد العقد إذا تم العقد؟
لا يجوز؛ وذلك لأن المرأة هي التي تعاشر ذلك الزوج وهي التي تقارنه وتجتمع معه، فإذا كانت تبغضه فإنها تعيش عيشة ضنكا وتلاقي الهم والغم، وتعيش في غير راحة في قلق وفي ضيق حال، فيحرم على الوالد أن يجبر ابنته على من لا تريده، سواء كان ذلك لبغضاء تنفر منه, أو لأنه كبير, كبير السن يعني: إذا كان الفرق بينها وبينه نحو ثلاثين سنة أو نحوها، فإن هذا قد يسبب عدم الألفة وعدم الحياة السعيدة معه.
قد ورد الأمر بمشاورة النساء، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن أي: يطلب إذنها وإذنها سكوتها فإذا سكتت فإن ذلك دليل على رضاها، فأما إذا صرحت بالكراهية وقالت: لا أريده. فيحرم عليه أن يزوجها لمصلحته، كما لو كان ثريا مثلا وقال: أزوجه حيث أنه غني, أو أنه يدفع أكثر من غيره من الصداق، أو أنه قريب، أو صديق أو ما أشبه ذلك. هذا ظلم، وضرر لهذه المرأة التي تتضرر، فإذا فعل ذلك فلها أن تمتنع ولها أن تشتكي عند من ينصفها، ترفع أمرها إلى الحاكم ليخلصها من ذلك.
س: جزاك الله خيرا، فضيلة الشيخ, أيضا من العبارات الدارجة على ألسنة بعض الناس: ما صدق على الله. فما حكم الشرع فيه؟
لا يجوز كلمة: ما صدق على الله. أما لو قال: ما صدقت أنك تفعل كذا، ما صدقت أني أروح الكذا. بدون كلمة: على الله.
س: يقول: شاب متخرج من الثانوية منذ ثلاث سنوات، ولم أحصل على وظيفة إلا أن أدفع أربعة آلاف ريال مقابل استلامي للوظيفة فهل هذا يجوز, أم لا؟
لا يجوز؛ لأن هذه الأربعة تكون رشوة، وإذا دفعتها فالآخرون لا يقدرون على أن يدفعوها، فتفسد هؤلاء الموظفين بحيث لا يوظفون أحدا إلا بعد أن يدفع لهم رشوة، والرشوة حرام.
س: جزاك الله خيرا، فضيلة الشيخ, شخص يأخذ راتبا في مسجد من مساجد الأوقاف، وهو لا يأتي إلى المسجد ولا يؤذن فيه بل يصلي في مسجد آخر، فهل المال الذي يأخذه حرام, أم لا؟ أفتونا مأجورين.
حرام عليه أن يتسمى بهذا وهو لا يقوم به، إذا تعينت في مسجد كإمام أو فراش أو مؤذن فلا بد أن تقوم بهذا العمل، وإلا فلا يحل لك ما تأخذه من هذه المكافأة وأنت لا تؤدي حقها.
س: جزاك الله خيرا، سماحة الشيخ, كثرت في هذه الأيام قصات للشعر فيما يسمى بالكابوريا فما حكم الشرع فيها؟
كأن هذا يتعلق بالنساء، فنقول: لا شك أيضا أن هذا من المنكر ومن التشبه بالكفار أو بالكافرات، فالنساء المؤمنات يربين شعرهن ويجدلنه ويضفرنه ضفائر وقرونا، فما ابتلينا بهذه القصات إلا بعد أن غزانا هؤلاء الكفار بنسائهم اللاتي ظهرن بهذه المظاهر السيئة، هذا بالنسبة للنساء.
الرجال أيضا ابتلي كثير منهم بما يسمى بالتواليت, وهو أنهم يقصون مؤخر الرأس أو جوانبه فيكونون بذلك قد تشبهوا أيضا بالكفار، أو وقعوا في النهي الشديد الذي ورد أنه -عليه السلام- نهى عن القزع الذي هو حلق بعض الرأس وترك بعضه.
س: جزاك الله خيرا، سماحة الشيخ, سؤال: ما حكم الأمهات والآباء الذين يرسلون بناتهم.... مع السواقين ..إلى المدرسة أو السوق سواء كان بعيدا أو قريبا, وأيضا في بعض من النساء يطلبن بعضا من الهنود أن يغسلوا الأواني وكنس البيت, وكذلك غسل الملابس في وقت الصباح بعد ذهاب الأولاد إلى المدرسة وذهاب الزوج إلى الشغل، فما حكم ذلك؟
تساهل كثير من الناس في استجلاب هؤلاء العمال مع أن الحاجة قليلة سواء كانوا للخدمة أو للسياقة أو نحو ذلك، وهذا التساهل أوقع في محاذير, منها: أن هذا السائق يدخل على بيت الرجل الذي ليس فيه إلا نساء بصفته خادما يغسل البيت, يغسل الأواني, والمرأة موجودة فيه، أولادها قد خرجوا إلى المدرسة وزوجها قد خرج إلى عمله فيخلو بها، ولا شك أن هذا من المحاذير، ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما .
كذلك أيضا قد تركب معه وحدهما ويذهب بها وليس معهما غيرهما، ولا شك أنهما والحال هذه يتخاطبان، قد تخاطبه قد يخاطبها ويتكلم وتتكلم وليس معهما أحد وهذا أيضا من المحاذير.
فواجب على الإنسان أن يبعد مثل هؤلاء، فلا يجوز للمرأة التي تؤمن بالله واليوم الآخر أن تخلو مع هذا السائق، أو هذا الخادم، ولا أن تركب معه وحدها.
إذا احتاجت إلى أن تركب لزيارة أو لمدرسة أو لعيادة أو لمستشفى فعليها أن تستصحب معها غيرها لما تزول به الخلوة، تركب معها امرأة أخرى من جيرانها حتى تزول الخلوة.
س: أيضا كثرت بعض الألعاب كلعبة البلاي ستاشن والكمبيوتر فما حكم ذلك؟ وما حكم الحلف بغير الله؟
في هذه الألعاب لا شك أنها من اللهو الذي ذمه الله، وذم أهله، قال تعالى: الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا ذمهم الله بأنهم اتخذوا دينهم، يعني: دينهم كله لهو ولعب, ما يتفرغون، إذا تفرغوا يشغلون أوقات فراغهم في هذا اللهو واللعب، سواء كان اللعب بالكيرم ما يسمى بالكيرم والبلوت أو ما أشبه ذلك، أو كذلك اللعب الذي فيه كسب ويسمى الميسر والقمار، أو كذلك مشاهدة اللاعبين الذين هم أهل لهو يشاهدهم بدون أن يستفيد منهم، إما أن يشاهدهم مقابلة أو ينظر إليهم في الشاشات أو نحو ذلك، كل هذا أيضا من اللهو الذي عاب الله تعالى هذه الحياة به في قوله تعالى: وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ .
فعلى المسلم أن ينافس في الدار الآخرة، وأن يحرص على أن يكون من المتسابقين في الأعمال الصالحة التي تسعده عند الله، وأن يحفظ وقته ويستغله في الشيء الذي ينفعه، فإنه محاسب على وقته.
أما الحلف بغير الله فإنه شرك، ورد في قوله -صلى الله عليه وسلم- من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك مثاله إذا قال: بالنبي أو والنبي، أو حلف مثلا بحياته, وحياتك، وحياتي، وحياتك يا فلانة، أو حلف بصفته أي: يقول: وشرفي، ونسبي، وآبائي، وأجدادي. فإن هذا حلف بغير الله.
س: جزاك الله خيرا، سماحة الشيخ، ما حكم لبس العدسات الملونة أمام النساء فقط للزينة؟ وما حكم الرقص في صالة أفراح خاصة بالنساء، علما بأنه يكون في الصالة أشياء مباحة وهو الدف والأغاني المباحة؟ ما حكم- أيضا- عورة المرأة للمرأة ؟
العدسات هذه إذا كانت لتقوية البصر وليست ملونة فإنها جائزة. فأما إذا كانت لغير تقوية, وإنما هي لمجرد الزينة فلا تجوز، وكذلك أيضا إذا كانت لتقوية النظر، ولكنها ملونة فلا تجوز.
خلق الله أحسن، الله تعالى أعطى الإنسان رجلا أو امرأة هذا البصر فيقتصر عليه ولا يغيره بشيء لا حاجة به إليه، أما عند الحاجة فله أن يستعمل ما يقوي بصره كهذه العدسات أو النظارات التي تقوي البصر، فإنه والحال هذه معذور.
وأما قوله: (الرقص), فرقص النساء في هذه المنازل فيه شيء من التفسخ، ننصح المرأة ألا ترقص ولو كانت أمام النساء؛ لأنها تضطر إلى أنها تكشف رأسها وتنقض شعرها وتتمايل، وأيضا تغني ببعض الأغاني أو يغنى عليها فلا حاجة إلى هذا، إذا كان في حفل زواج أو نحوه لا مانع من ضرب الدف الذي يحصل به إعلان النكاح، ولا مانع من شيء من الغناء الذي لا محذور فيه كمديح أو ترحيب أو تحية أو ما أشبه ذلك.
س: سماحة الشيخ، من يسافر مدة سنتين أو ثلاث، هل عليه إثم -من أجل الرزق الحلال- ؟
لا إثم عليه إذا سمحت زوجته، أما إذا ما سمحت وطلبت قدومه فعليه أن يقدم؛ لأن المرأة لها حق الاستمتاع، كان عمر بن الخطاب لا يترك أحدا من الغزو يزيد على ستة أشهر من أجل نسائهم، لكن إذا كان يطلب الرزق، وبلاده ليس فيها مكاسب، وجاء ليتكسب هاهنا، وكانت امرأته قد سمحت فله ذلك، ولكن لا يطيل جفوتها.
س: سماحة الشيخ، جزاك الله خيرا، يوجد رجل من أهل الصلاح -نحسبه كذلك- في إحدى الحجر المجاورة لنا، وهذا الرجل معتزل للصلاة مع الجماعة يصلي في بيته، نأمل من فضيلتكم التوجيه حيال ذلك, وتبيين متى تكون العزلة، وضوابطها ؟ وهل ينكر على هذا الرجل, أم لا؟
ينكر عليه.
أولا: أنه ترك الجماعة ترك الصلاة مع الجماعة، ولا شك أن هذا الترك قد يسبب بطلان صلاته، سيما إذا كان يسمع النداء، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر وهذا لا عذر له إذا كان يسمع النداء، وإذا كان بعيدا لا يسمع النداء فإنه لا يجوز له أيضا الاعتزال والابتعاد عن الناس، بل عليه أن يخالطهم، ورد في الحديث: المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم أما إذا كان يخشى على نفسه الفتنة فله أن يبتعد ويبتعد عن أسباب الفتنة، ولكن البلاد-والحمد لله- والمملكة ليس فيها شيء من أسباب الفتن التي توقع كثيرا في الفتن كالبلاد الأخرى، فإن كثيرا من البلاد الأخرى -ولو كانت إسلامية- فيها مغريات: فيها التبرج والسفور الذي يغري بفعل الفواحش، وفيها أيضا منكرات لا يقدر على إنكارها كبذل المرأة نفسها لمن يفجر بها، وبيع الخمور علانية، والطواف بالقبور وعبادتها من دون الله تعالى, وكذلك المذاهب الهدامة، والسخرية بأهل الدين, ومنع المصلين واتهامهم بأنهم إرهابيون وما أشبه ذلك.
فتلك البلاد التي تحارب أهل الدين وأهل الصلاح وأهل التستر من النساء هذه الأولى أنه يهرب منها ويعتزل، ويكون ذلك في زمن الفتن الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- يوشك أن يكون خير مال أحدكم غنم يتتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر؛ يفر بدينه من الفتن .
فإذا تحققت الفتن، وكثر الذين ينتحلونها، فالنجاة بالعزلة والحال هذه.
س: سماحة الشيخ، جزاك الله خيرا، أنا شاب متعلم، ووالدتي لا تقرأ ولا تكتب، ولا تفصح الفاتحة لعلة في لسانها، فما الواجب عليَّ ؟ وهل الذهب الذي يلبس فيه زكاة إذا مضى عليه عام ؛ جزاك الله خيرا؟
نقول: عليك أن تلقنها ما تستطيع أن تتلقنه، فإذا كانت أعجمية يشق عليها النطق بالكلمات العربية فإنها تنطق بما تستطيع أن تنطق به، تسبيح سهل أن تقول: سبحان ربي الأعلى سبحان ربي العظيم، وكذلك التشهد إذا كانت تستطيع أن تعمله، أما الأعمال فلا بد من تعلمها, الأفعال لا بد أن تعلمها الركوع وحده، والقيام, والسجود على الأعضاء السبعة، والطهارة، غسل كل عضو، هذا ليس له عذر، القراءة هي التي يصعب عليها يعني: قراءتها إذا كانت أمية كبيرة, كبار الأسنان يصعب عليهم وذلك لثقل ألسنتهم.
أما الذهب الذي هو حلي فاختلف فيه المشائخ، ولكن العمل والأقرب أنه يزكى، فإن كان مضى شيء من السنوات لم يزك فلا نلزمه بأن يقضي ما سبق، ولكن في المستقبل.
ونصابه هو نحو 91 جراما، فإذا كان وزنه هذا فإنه تزكى قيمته.
س: جزاك الله خيرا, سماحة الشيخ, وجد خارج المسجد وهي الصلاة الفائتة, فهل يحق له أن يقف بجانب من يصلي السنة وهو يصلي الفرض؟
نعم إذا جئت والجماعة قد صلوا فلك أن تبدأ بالسنة: سنة الفجر أو سنة الظهر تصليها لأنها من الرواتب، ثم تأتي بعدها بالفريضة، ولعلك تنتظر حتى يأتيك جماعة تصلي معهم.
س: جزاك الله خيرا، سماحة الشيخ، من يؤخر الصلاة عن وقتها -تكسل- كسلا غير متعمد غير عامد, أو أنه يفعل الأسباب الاستيقاظ لصلاة الفجر ولكن يأخذه النوم؟
لا شك أن التكاسل من صفات المنافقين الذين قال الله فيهم: وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ الكسل هو التثاقل، فننصح المسلم بأن يأتي إلى الصلاة نشيطا، وأن يواظب عليها في أول وقتها، إذا دخل الوقت بادر وحضر مسرعا، بادر إلى الصلاة وأتى إليها في أول وقتها وصلاها مع الجماعة، وحرص على أن يصلي السنة التي قبلها كسنة الظهر وسنة الفجر، وحرص أيضا على أن يصلي بعدها الرواتب، كراتبة الظهر بعدها وراتبة المغرب وراتبة العشاء حتى يحظى على الأجر، كذلك أيضا بعض الناس قد يسهر نصف الليل أو ثلثي الليل ثم يثقل عليه القيام لصلاة الصبح وهذا مفرط، يعني: جعل السبب هو السهر.
فننصح المسلم إذا كان ثقيل النوم ألا يطيل السهر، أن يحرص على أن ينام مبكرا الساعة التاسعة أو العاشرة على الأكثر؛ حتى يعطي نفسه راحتها، ثم يركب الساعة على قرب الوقت كالساعة الرابعة لصلاة الفجر أو الرابعة إلا ربعا؛ حتى يتأهب للصلاة ويستعد لها ويأتيها نشيطا ويزيل عنه الكسل والتثاقل.
س: جزاك الله خيرا، سماحة الشيخ بعد السلام, أسألك عن الضمان الاجتماعي فقد كلفتني واحدة من قريباتي أن آخذ سلفة ضمان بدلا منها وهي كانت محتاجة لها والآن في غنى عنها, وطلبوا مني الصك الشرعي بحلول شاهدين ومزكٍّ, هل أفعلها, أم علي ذنب؟ وقد فعله أناس كثيرون, وما كفارتها؟
ننصحك إذا استغنيت واستغنت هذه المرأة أن تستعف عن هذا الضمان؛ لأنه إنما شرع للفقراء وذوي الحاجات من المواطنين، فإذا كنت مستغنيا أو كانت هذه المرأة في غنى فتقدم إلى المسئولين وأخبرهم بأنك قد استغنيت؛ حتى يسقطوا اسمك أو اسم هذه المرأة التي توكلك، فإذا أخذت وأنت غير محتاج أخذت بالحيلة وبالكذب وبشهود غير صادقين، فعليك بالصدق وعليك بالاحتياط والتحري.
أما الأموال التي قد مضت فعفا الله عنها.
س: سماحة الشيخ، ما حكم سب الدين ؟ وهل له كفارة؟ وما حكم قراءة كتاب التوراة والإنجيل ؟ -جزاكم الله خيرا-.
لا شك أن سب الدين ردة وأنه كفر؛ لأن من سب الدين فقد سب الله الذي شرع هذا الدين، وسب النبي-صلى الله عليه وسلم- الذي جاء به، فكأنه يقول: هذا دين لا يصلح هذا دين باطل، الذين يصلون ويزكون ويصومون ويتصدقون ويدفنون أمواتهم بهذه الصفة ويحجون ويعتمرون ويجاهدون ويذكرون الله ويقرءون القرآن على ضلالة. يتهمهم بأنهم على ضلال وبأنهم على خطأ، وبأنهم يسخر منهم لأنهم ضعفاء لا عقول لهم -نعوذ بالله من ذلك- فإذا سمعتم من يسب هذا الدين فأخبروه بأنه قد كفر لقوله تعالى: قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ وأن عليه أن يتوب ويجدد إسلامه وينطق بالشهادتين ويستغفر الله تعالى من فعله ويبتعد عن مثل هذا الفعل حتى يتوب الله تعالى عليه، والله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
أما قراءة كتاب التوراة والإنجيل وكتب بني إسرائيل فننصح المبتدئ.. عن قراءتها. أما المتوغل الذي عنده علم: عنده علم بالدين وعنده علم بالقرآن وبالشريعة، إذا قرأ فيها لأجل الاعتبار فلا حرج في ذلك.
وأما الجاهل والمبتدئ فإنه إذا قرأ فيها قد يصدق ببعض ما فيها مما ليس بصحيح.
س: جزاك الله خيرا، سماحة الشيخ، ما حكم الطواف حول الأولياء ببعض البلاد الإسلامية، وبناء الأضرحة لهم؟ وما رأي فضيلتكم في دفن الموتى في قبور مرتفعة جماعات؟
هذا من الشرك، يعني: الذين يعبدون غير الله، يعبدون الأموات فيطوفون...

line-bottom