الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
محاضرة في السعيرة
6166 مشاهدة print word pdf
line-top
من واجب المسلم على أخيه تعليمه

فمن ذلك تعليم الجهال، إذا رأينا جاهلا لا نسكت ونتركه على جهله، بل نعلمه ونفقهه ونوقفه على ما أمر الله به وما رغب فيه، وكذلك نحذره من الشرور وما أشبهها؛ فإن هذا من واجبنا الديني الذي أوجب الله علينا، وهذا الواجب الذي هو الحق المتعدي، الحق لإخواننا المسلمين من أوجب الحقوق؛ ولهذا أحب أن أتوسع فيه في هذه الكلمة؛ حتى يعرف المسلم أنه مطالب بحقوق لإخوانه المسلمين، فمن ذلك تعليم جاهلهم، إذا تركنا الجاهل يتخبط في الجهل كنا مسئولين عنه، إذا علمنا بأنه لا يعرف، لا يعرف الصلاة ولا يعرف كيفيتها أو لا يعرف أركانها أو لا يطمئن فيها, ثم سكتنا عنه فإننا مسئولون عن ذلك وعلينا إثم على هذا السكوت، ورد أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ويل للعالم من الجاهل حيث لا يعلمه والويل شدة العذاب، يعني: أنه يستحق العذاب حيث إنه لم يعلم إخوانه الجاهلين الذين يعرف أنهم لا يقيمون العبادة، فواجب عليك أن ترشده، وأن تسأله حتى إذا تحققت أنه قد أقام العبادة أمرته بعد ذلك بأن يقوم معك يعلم الآخرين، هذا من واجبنا.
ومعلوم أن العلم الذي نعلمه هو العلم الشرعي، فنعلمهم صفة الطهارة وكيف يرتفع الحدث، ونعلمهم نواقض الوضوء وكيف يتطهر إذا انتقض وضوءه، ونعلمهم أيضا ما يجب عليهم في صفة الصلاة، كيفية الصلاة التي تجزيء.
إذا علمنا أن بعضهم لا يحسن قراءة الفاتحة، أو لا يحسن الأذكار التي في الصلاة فلا نتركهم هكذا.
كثير من الناس لا يدري ما يقول في ركوعه ولا في سجوده ولا في جلوسه ولا في قيامه؛ لأنه إما أنه تعلم ونسي، وإما أنه لم يتعلم، فيلزمنا بأن نعلمهم حتى تقبل منهم عباداتهم، كذلك نعلمهم بقية الأحكام التي يجهلونها.
إذا كانوا يجهلون أحكام الأيمان، وأحكام النذور، فنعلمهم كيف يعملون فيها، وهكذا نعلمهم الأدعية, إذا كانوا يجهلون الدعاء كيفيته وأسباب إجابة الأدعية وقبولها، فتعلمهم مما علمك الله.
كذلك أيضا إذا كانوا يجهلون أحكاما تتعلق ببيوتهم كالذين يهملون أولادهم ولا يعلمونهم ولا يأمرونهم بالخير، أو يوقعونهم في شر أو فساد أو نحو ذلك، لا نبرأ ولا تبرأ ذممنا إلا إذا أرشدناهم.
وكذلك نقول في بقية ما يجهلونه سواء من العبادات التي يجهلون كيفية أدائها، أو من المحرمات التي يقعون فيها عن جهل أو عن تقليد، فلا يسعك أيها العارف -ولو كنت لا تحسن إلا شيئا قليلا من العلم- لا تسكت عنهم وتتركهم يفعلون شيئا من هذه المحرمات، وأنت تعرف أنها محرمات وهم لا يعرفون تحريمها، فلا يجوز لك أن تسكت وتتركهم يتخبطون في هذا الجهل، هذا من واجب المسلم على إخوته المسلمين.

line-bottom