لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
محاضرة في جامع حطين
9901 مشاهدة print word pdf
line-top
قبول دعوة الأنبياء

ولا شك أن لنا فيهم أسوة : أولا أن نقبل دعوتهم ، وثانيا أن نعمل بها ، وثالثا أن ندعوا إلى ما دعوا إليه ونشهد أنهم قد بلغوا ما أنزل إليهم ، فعليهم البيان وعليهم البلاغ ، فأما القبول فمعلوم أن دعوة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- كافية وأن من عمل بها فإنه يعتبر قد عمل بدعوة الرسل كلهم ، لأن دعوتهم كلهم متفقة على البداءة بتوحيد اللَّه ، كل دعوتهم متفقة على توحيد اللَّه تعالى وعلى الإخلاص له هكذا جاءت دعوة الرسل .
وإذا صدقناهم في ذلك علمنا بأنهم صادقون وأن ما دعوا إليه صحيح ، وأنها دعوة صحيحة وهي الدعوة إلى معنى لا إله إلا اللَّه، والدعوة إلى توحيد اللَّه تعالى والدعوة إلى الإخلاص ، إخلاص العبادة له وترك عبادة ما سواه بأي نوع من أنواع العبادة ، فهكذا نقبلها كذلك أيضاً نصدقهم نشهد بأنهم صادقون ، أن رسل اللَّه تعالى صادقون مصَدَقون وأن كل ما بلغوه فإنه حق على حقيقته ، وأنه دين اللَّه وأنه الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه ، أنه الدين الصحيح نشهد بأن دعوتهم تضمنتها كتبهم .
وورد في بعض الأحاديث أن اللَّه تعالى أنزل مائة كتاب وأربعة كتب ، وأن الأربعة الكتب هي التوراة والإنجيل والزبور والقرآن ، تضمنت معنى ما في تلك الكتب المائة ، وأن القرآن نسخ الكتب التي قبله التي هي التوراة وغيرها ، وأن العمل بما فيه هو المرجع ، وأن دعوة الرسل كلهم تدور حول آية واحدة من سورة الفاتحة وهي قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فإنها متضمنة للتوحيد أو لنوعي التوحيد إِيَّاكَ نَعْبُدُ هذا توحيد الألوهية وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ هذا توحيد الربوبية .
فإذا عرفنا ذلك عرفنا أن هذه الآية عليها مدار دعوة الرسل كلهم يدعون إلى تحقيق إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أي لا نعبد غيرك ولا نستعين بسواك بل أنت ربنا وأنت المستعان وبك المستغاث ولا حول ولا قوة إلا بك ، هكذا تكون دعوة الرسل إلى إخلاص الدين لِلَّه تعالى.

line-bottom