جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
محاضرة في جامع حطين
7210 مشاهدة
الأمة الإسلامية تدعو إلى ما دعا إليه رسول الله

ثم نعرف أيضاً أن أمة نبينا صلى اللَّه عليه وسلم مأمورون بما هو مأمور به ، أن يكونوا دعاة إلى ما دعا إليه صلى اللَّه عليه وسلم ، دعاة إلى التوحيد الذي دعا إليه ، ويعتبر ذلك دعوة إلى اللَّه ودعوة إلى عبادة اللَّه ودعوة إلى كل خير ، كل خير يجلب لمن فعله مصلحة دينية أو مصلحة دنيوية ليس بها شر أصلاً فإنها من جملة ما دعا إليه رسولنا صلى اللَّه عليه وسلم .
وكذلك ما دعا إليه الدعاة بعده، ولهذا وصف اللَّه تعالى نبينا صلى اللَّه عليه وسلم بهذه الصفات وأمره بها من ذلك قول الله تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ سبيلي أي طريقي وسنتي ، أي أنني أدعو اللَّه على بصيرة أنا ومن اتبعني ، السبيل معناها الصراط السوي ، يعني أن نبينا صلى اللَّه عليه وسلم على صراط مستقيم، على صراط قويم هذا الصراط هو التوحيد وهو كل ما يقرب إلى اللَّه تعالى يقول اللَّه له: إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ فيقول هَذِهِ سَبِيلِي يعني هذه الشريعة وهذا الدين وهذه الحنيفية هي سبيلي وهي طريقتي، وهي الدعوة إلى اللَّه تعالى : هي الدعوة إلى عبادته بأي نوع من أنواع العبادة ، أدعو إلى عبادة اللَّه وحده فكل من كان متبعا للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فإنه يدعو إلى ما دعا إليه بعد أن يكون على نور بعد أن يكون على بصيرة من أمره .
فهكذا أخبر اللَّه تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي أتريد أن تكون ممن اتبعه؟ كل منا يحب أن يكون ممن اتبعه أن يكون من أتباعه -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنهم يكونون محبوبين عند اللَّه؛ ولأنهم يكونون مهتدين كما قال اللَّه تعالى: قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ .
فإذا أردت أن تكون محبوبا عند اللَّه تعالى فعليك باتباع هذا النبي اتباعه حقيقة الاتباع اتبعوني يحببكم اللَّه ، وكذلك قال اللَّه تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ .
فجعل الاهتداء من أسبابه الاتباع لهذا الرسول الكريم وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ .