القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
74712 مشاهدة
استعمال القوة فيما يرضي الله وينفع الناس

...............................................................................


وكذلك قد يكون المؤمن القوي قويا على الاكتساب يكتسب؛ الأموال ويجمعها ويثري وتكثر تجارته وتكثر أمواله، ومع ذلك لا ينتفع بها فلا ينفقها في وجوه الخير، ولا يصل منها أمرا أمر الله تعالى به أن يوصل، بل يقطعون ما أمر الله به أن يوصل، فمثل هؤلاء لا خير فيهم، ولو كانوا ما كانوا، ولو كانوا مثلًا تجارا، ولو كانوا أقوياء، أمواله .وبذبمه ولو أن أحدهم يجندل الأبطال، ويصرع الرجال، ولكن لما لم يكن فيهم القوة الإيمانية لم ينتفع بهم.
فإذا كان المؤمن قوي القلب وقوي البدن، واستعمل قوته فيما يحبه الله، وفيما يرضي الله تعالى، فإنه يستفاد منه ويكون خيرا للبلاد وخيرا للعباد، ويكون أحب إلى الله من المؤمن الضعيف الذي نفعه قاصر، ولو كان هذا المؤمن الضعيف عنده علم ولكنه قصر على نفسه، ولو كان عنده عبادة، ولو كان يصوم النهار، ويقوم الليل، ولكن لما لم يظهر أثره في عباد الله، لم يكن فيه خير للناس، وورد في الحديث: أفضل الناس أنفعهم للناس يعني الذي ينفع الناس في دينهم، وفي دنياهم؛ هذا حقا هو الذي يكون نفعه عاما يستفاد منه. لا شك أن هذا حقا هو الذي يقيم حدود الله تعالى، وهو الذي يؤثر في البلاد وفي العباد فيفيد ويستفاد منه، بخلاف من اقتصر على نفسه، ولو كان دائما عاكفا في المسجد، ولو كان دائما يقرأ ويذكر الله ويصلي ويصوم، ولكن لا ينفع الناس بشيء فنفعه، ولو كان فيه صلاح، لكن لا يستفاد منه، فالمؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف، وأحب إلى الله تعالى.