شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
محاضرات عن طلب العلم وفضل العلماء
18161 مشاهدة print word pdf
line-top
أهم متطلبات طلب العلم

ولكن يعرف مع ذلك العبد يعرف أن هذا العلم الذي يتعلمه لا يحصل في وقت قصير، بل لا بد من الممارسة، ولا بد من الصبر على المشقة والصعوبات التي قد تلاقيه، والخسران والنفقات المالية، ونحو ذلك؛ حتى يحصل على جانب من العلم فيه كفايته وفائدته، فقد روي عن بعض الشعراء، أنه قال:
أخي لن تنـال العــلم إلا بستـة
سـأنبيك عـن تفصيلهـا ببيـان
ذكـاء وحـرص واجتهـاد وفطنة
وصحبـة أسـتاذ وطـول زمـان

فهذه الستة إذا اجتمعت في الإنسان رجي أن يكون موفقا لتحصيل العلم النافع.
فأما أولها وهو: الذكاء، فإنه يخرج البليد، الذي يكون غافلا أو مغفلا غير عاقل ولا متعقل لما يقول.
ولا حافظ ولم يرزق حفظا، فإنه يتعب ويتعب نفسه ولا يحصل على فائدة، بل كلما حصل على شيء ذهب من ذاكرته ونسيه أو تغافل عنه.
وأما الثاني وهو: الحرص، فإنه يدل على أن طالب العلم عليه أن يحرص، والحرص لا شك أنه يبعث على مواصلة الطلب في الليل والنهار وفي الأيام كلها، ولا يخص ذلك بوقت دون وقت.
وكذلك الاجتهاد الذي هو بذل الجهد بالنفس والمال، الجهد هو غاية المستطاع، يبذل جهده وهو غاية مستطاعه، فينفق من ماله، ويسافر بلدا، ويقطع المراحل، ويسهر الليالي، وما أشبه ذلك، مما يدل على أنه مجتهد، وصادق الرغبة.
وأما البلغة التي هي الزاد الذي يقتاته فإن هذا من ضروريات الحياة، فالذي يتعلم ولكن ليس عنده ما يقتات به وما يأكله وما يقوت به نفسه هذا لا تهنأ حياته ولا تقر، فهو بحاجة إلى أن يكون له كسب أو دخل، إما أن يكون له أبوان قد قاما بكفايته والنفقة عليه، أو له غلة ودخل، أو له حرفة يحترف بها في وقت من الأوقات يكون كسبه منها مسببا لأن يستغل غلة تقوم بكفايته والنفقة عليه في وقت الطلب؛ حتى يواصل سيره ويتعلم إلى أن يحصل على جانب من العلم.
وأما صحبة المدرس والمعلم فهذه أيضا من الضروريات، فالذي يتعلم على نفسه، أو يتعلم على من هو دونه مثلا، أو يقرأ من الكتب وهو لا يفقه ما تتضمنه، قد يقع في أخطاء، وقد يمل ويتكاسل فلا يحصل على المطلوب، وأما طول الزمان فإنه يدل على أن الإنسان لا يمل، ولا ينبغي له أن يمل ولو طال الزمان ولو بقي عشرات السنين.
هكذا كان العلماء -رحمهم الله- يواصلون سيرهم ولو بلغوا ما بلغوا، فإن الإنسان كلما حصل على علم ازدادت المعرفة عنده، وازدادت حرارة العلم، وتوسعت المعارف أمامه، ولا شك أيضا أن العلوم تتراكم وتتكاثر عليه، ولذلك يقول بعض العلماء: إن العلم كثير، وإن العمر قصير، فينبغي للإنسان أن يبدأ بالأهم فالأهم، ولا شك أن الأهم هو ما يفيدك في حياتك وفي عباداتك، وتقتصر من بقية العلوم على ما أنت بحاجة إليه فقط.
فالتوسع في العلوم الأخرى قد يسأل الإنسان عن ما هو أهم منه، حتى قال بعض العلماء في علم النحو: إن النحو في الكلام كالملح في الطعام، بمعنى: أنه لا حاجة إلى الإكثار منه، فلا تتوغل فيه وتكثر منه فيذهب وقتك ويزهق عمرك وحياتك دون أن تحصل على شيء مفيد غاية الفائدة، ولا تتركه فتقع في الأخطاء وفي اللحن وفي الأغلاط، بل تقتصر منه على ما يصلح حالتك.
كما أن الملح في الطعام لا يزاد منه ولا يقلل منه، فإن زيد منه أفسد الطعام وإن قلل منه فالطعام سامج لا يستساغ أكله، بل يقتصر على قدر الحاجة، إذا كان هذا في علم النحو الذي مدحه بعضهم بقوله:
وإذا طلبت من العلوم أهمهـا
فأهمها منها مقيـم الألسـن

فكيف ببقية العلوم التي فائدتها قليلة، أو قد تكون مضرتها محققة؟! ولا نطيل في البحث في هذا.

line-bottom