محاضرة في حقيقة الالتزام
مجالات الدعوة إلى الله
أما المجالات التي إذا التزمت بها, وكنت متعاونا, أو كنت رسميا من الدعاة فإنها كثيرة, ولو بفردك، فمثلا: تحرص على أن تكون خطيبا، خطيبا في جامع مثلا، وتعرف مثلا أن هناك خطباء ليسوا أكفاء بل معهم نقص، إما في معتقداتهم، وإما في وجهات نظرهم، وإما في سيرهم، فأنت الذي مَنَّ الله عليك بالعلم الصحيح, وبالسنة, وبالاستقامة, وبالالتزام الصحيح أولى بأن توجه هؤلاء المصلين، هؤلاء الذين لا يسمعون موعظة دينية إلا في كل أسبوع مرة.
فإذا وجههم مرشد سليم الفطرة، واختار لهم الخطب النافعة التي تعالج مشاكلهم، والتي تنبههم على ما هم غافلون عنه، والتي تُقَوِّمُ سيرهم انتفعوا بذلك, ونفع الله تعالى بك.
وهكذا لو كنت إماما، إماما فقط في مسجد, ليس فيه جمعة، فلا شك أيضا أنك تنفع، وما أكثر المساجد التي هي بحاجة إلى أئمة، ومع كثرة الذين قرءوا القرآن في المدارس الخيرية، وحفظوا ما تيسر منه، وعرفوا أحكام العبادة، وأحكام الصلاة, وأحكام القراءة, وما أشبهها, أو بعضها, والمهم منها، ومع ذلك المساجد تشكوا أنه لا يتقدم للإمامة فيها إلا أناس قليل حظهم من المعلومات.
الإمام الذي يتولى إمامة المسجد وقصده الإصلاح:
أولا: تكون الصلاة خلفه مقبولة -بإذن الله- حيث إنه يكمل شروطها، ويكمل واجباتها, وأركانها, وسننها، ويأتي فيها بالقراءة الواجبة ونحوها.
ثانيا: أنه ينفع المصلين، لا بد أنه بعد كل صلاة, أو في كل يوم, أو في كل يومين يقرأ عليهم في كتاب, أو يقرأ عليهم نصيحة, أو يفسر لهم حديثا, أو يشرح لهم آية, أو نحو ذلك.
إذن فما الذي يعوقك يا أخي، عن أن تولى هذا المنصب؟ لتكون بذلك من الذين نفعوا الأمة، ونفعوا أنفسهم, وأسقطوا الواجب عن غيرهم، الواجب الذي هو واجب الأمة كُلًّا لا شك أنه واجب علينا جميعا؛ فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين؛ فتكون أنت الذي أسقطت هذا الإثم، واجب البيان.
كذلك أيضا: مجال المعاونة المساعدة، تعرفون –مثلا- أن إخوانكم بحاجة إلى أن تساعدوهم في أنواع المساعدات: مساعدة مالية، ومساعدة معنوية ومادية، وما أشبه ذلك.
فالمكاتب: مكاتب الهيئات، ومكاتب الدعوة، والمكاتب التعاونية ونحوها بحاجة إلى من يساعدهم ويساندهم؛ فالهيئات يشتكون أيضا من قلتهم، ومن قلة الذين يساعدونهم، هم بحاجة إلى أن نتساعد معهم بحسب ما نستطيعه؛ فذلك كله من تمام الالتزام.
وأما التعاون مع هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو أيضا من واجبات الملتزمين والمستقيمين، وما ذاك إلا أنهم بحاجة إلى من يقف إلى جانبهم، وليس شرطا أن يكون كبير سن, أو صغيرا, أو عالما متخصصا، ما دام أنه عالم بأن هذا الأمر من المنكر، وأن هذا الأمر من المعروف، فليس له عذر في أن يسكت على ذلك, أو ينقبع في منزله, أو في سوقه, ويترك هذه المنكرات تتمكن وتفشو.
لا شك أن هذا من واجبات المستقيم الملتزم، والحقيقة أن صفات الملتزمين كثيرة، ولكن المشهور منها: أنك ترى الإنسان في مظهره وفي مخبره فتقول: هذا ملتزم، إذا رأيته مثلا قد أعفى لحيته, ورفع ثوبه مثلا، ورأيته يحافظ على الصلاة, ورأيته لا يقتني الملهيات ليس في بيته مثلا آلات لهو ونحوها، ورأيته يجالس أهل الخير، جلساؤه الذين يركب معهم, والذين يجلس معهم رأيتهم كلهم من أهل الاستقامة، ورأيته مع ذلك يغشى مجالس العلماء ويحبهم, ويتكلم بما تعلمه منهم، قلت: هذا من الملتزمين, أو هذا قد التزم.
مسألة>