اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
الربا وما يتعلق به من أحكام
5295 مشاهدة
البنوك الربوية

ومن جملة ما تهاون الناس به ما يقع في كثير من البنوك الربوية، وذلك أن هذه البنوك - ولا شك - تتعامل بالربا، ورباها ربا صريح؛ حيث إنك إذا أتيتها تستقرض، تريد قرضا مثلا: ألفا، أو عشرة آلاف، شرطوا عليك أن ترد معها قسطا، فقالوا: نقرضك عشرة آلاف، وترد أحد عشر، أو اثني عشر ألفا بعد سنة، أو بعد نصف سنة، هذا -بلا شك- أنه ربا صريح.
وهكذا أيضا أرباح الأموال التي تودع في البنوك، فإنها أيضا ربا، وصفة ذلك أن تعطيهم مالا كأمانة، وهم -بلا شك– يقرضونه آخر، ويربحون فيه ربا، فإذا ردوه عليك، قالوا: هذا ربح ربحناه في تجارة، أو بضاعتنا كلها، ومن جملتها مالك وأمانتك؛ فيوقعونك فيما وقعوا فيه من أكل الربا.
فنقول: إن هذا من جملة ما يوقع في الربا، فالمسلم يتجنب هذه الأشياء، نقول: لا شك أن الإنسان قد يضطر ضرورة إلى الإيداع في كثير من بعض البنوك؛ لأنه قد يسافر إلى بلد، ويخشى على نقوده أن تضيع، أو تختلس، أو تسرق منه؛ فيودعها في أحد البنوك الربوية، فإذن إذا أودعها للحفظ أو نحوه، فإنه لا يأخذ عليها هذه الفائدة الربوية، التي يسمونها بغير اسمها؛ بل إذا أخذها اقتصر على أخذ ماله، وترك ذلك الزائد لهم.
وبعض من العلماء قال: إنه يجوز أخذ هذه الفوائد الربوية من البنوك؛ ولكن لا تؤكل، لا يأكلها صاحبها؛ حتى لا يأكل الربا، وإنما يصرفها في وجوه البر، ووجوه الخير، ولعل هذا قول وجيه بالنسبة إلى البنوك الكبيرة، وبالنسبة إلى الأموال الطائلة؛ حيث إن كثيرا من الناس قد يكون عنده أموال كثيرة، قد يكون عندك مال كثير كألوف عشرات، أو مئات الألوف، أو ألوف الألوف، ولا تستطيع أن تحفظها في بيتك؛ فتودعها في أحد البنوك التي تتعامل بالربا، تعطي مالا وتربح في هذا المال الذي أنت أودعتهم إياه، فإذا دفعوه إليك، وإذا هم قد ربحوا فيها أرباحا كثيرة، وإذا ربحه وفائدته التي هي: ربوية، قد تكون ألوفا؛ عشرة آلاف، أو مائة ألف، هذا المقدار إذا تركته لهم وهم كفار أو عصاة، أو نحو ذلك، تعاونوا به على ضد الخير، تعاونوا به على إضعاف الإسلام، وتقوية الكفر، والشرك، فمن المصلحة أن يؤخذ هذا المال الذي ربحه عندهم، ويصرف في وجوه الخير، يصرف إلى المصارف الخيرية، كأن يعطى المساكين، والمستضعفين ونحو ذلك، هكذا أفتى به بعض المشائخ.
واستدلوا على ذلك أن العلماء يصرفون الأموال المحرمة في وجوه البر والخير، ولو كانت محرمة، فإذا مثلا: عثر على بيت فحش وزنا، وفيه أموال، فإن تلك الأموال محرمة، التي اكتسبتها مثلا هذه المرأة الزانية من الزنى، إذا عثرنا عليها، وعندها أموال جمعتها من الزنى، فهذه الأموال حرام عليها هي؛ لأنها كسب حرام، يعني: اكتسبتها بهذه الشهوة المحرمة؛ فماذا نفعل بها؟ هل نردها على الزاني؟ لا؛ وذلك لأن الزاني قد استوفى منفعته، فلا نجمع له بين منفعته، وبين ماله، لا يعطى العوض، والمعوض، ولا نتركها للزانية؛ لكونها دخلت عليها من كسب حرام؛ ولكن نصرفها في وجوه الخير، فتصرف للمساكين، وتعطى وتصرف في سبيل الله، وما أشبه ذلك، فهكذا حرمت أيضا هذه الأموال التي هي فوائد، وأرباح من الربا.
البعد عن البنوك الربوية، وعن الإيداع فيها، وعن المعاملة معها هو الأولى، وهناك بنوك إسلامية معاملاتها سليمة، بعيدة عن المشتبهات، إنما تعمل كمضاربة، تعمل في رءوس أموالها عمل المضارب، الذي هو: بيع سلع وشراؤها.
وكذلك أعمال حرة، فليس فيها شبهة، ثم كل مساهم يعطى سهمه من الربح، على العموم على حد سواء، فمثل هذا لا شبهة فيه، يقوم مقام هذه البنوك ونحوها، كذلك أيضا للإنسان مَعْدل عن هذه البنوك بوجوه أخرى، مثل أن يستعمل مدخراته هو بنفسه، فيتاجر بها، أو يعطيها من يتجر بها من الباعة، ونحوهم بجزء من الربح، وهو ما يسمى: بالمضاربة بالجزء المعلوم النسبة، يستغني بذلك عن إيداعها في هذه البنوك، التي قد تستعين بها على المعاصي، وتوقعه على العمل.. الحرام، وقد يخسر فائدتها ونموها.
كذلك أيضا له أن يساهم بها في شركات إسلامية بعيدة عن الشبهات، إذا سبر واختبر تلك الشركات، وعرف أنها بعيدة عن المشتبهات، ونحوها، وهكذا أيضا لو أن يشترك مع غيره لأخذ مقاولات، أو أعمال يقوم بها، فيجعل رأس ماله، ورأس مال فلان، وفلان شراكة؛ حتى لا يبقى ماله مدخرا بدون فائدة، فبكل حال للإنسان معدل عن هذه المشتبهات، وعن هذه المحرمات.