إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
حقيقة الالتزام
20763 مشاهدة
وصية وخاتمة

        وفي الختام فهذه وصية خاصة لإخواني الدعاة إلى الله، وإلى كل مسلم ملتزم ومستقيم على أمر الله، فأقول لهم:
      إننا في هذه الأزمنة كما تعرفون في غربة في الدين. وإن كان عدد الحضور للمحاضرات وغيرها كثيرًا ، ولكن إذا خرجنا إلى الأسواق وجدنا الكثير ممن ضعف تمسكهم والتزامهم بشرع الله، وهكذا لو دخلنا النوادي وجدنا الكثير والكثير، وهكذا المدارس الثانوية والجامعات والكليات وغيرها، فإن هناك مجموعات كثيرة ممن ضعف التزامهم، وقلَّت استقامتهم ، وهكذا إذا خرجنا في أطراف البلاد رأينا المتنزهين الذي خرجوا للنزهة ونصبوا الخيام ، وهكذا أماكن تجمع العمل والشركات والورش وغيرها.
      وهنا أطرح سؤالا :       أليس لهؤلاء حق علينا ؟!!       إذا رأينا كثرة هؤلاء الهالكين الذين هم على شفا جرف من الهلاك ، ألسنا مسؤولين عنهم؟!! وحيث إننا قد منَّ الله علينا بالالتزام والاستقامة، فإن علينا أن لا نتركهم على ضلالهم وعلى غيهم ؛ بل نحرص على جذبهم إلى التمسك بدين الله والاستقامة عليه.
فإن كانوا ممن يدين بالإسلام ، ولكن لا يعرف من دينه إلا مجرد التسمية فإننا ننصحه ونوجهه ونبين له الدين الصحيح والإسلام الحق ، لعل الله أن يهديه ويصبح من المستقيمين على دين الله ومن المتمسكين بالسنة والشريعة.
وإن كان ممن لا يدين بدين الإسلام، فإننا ندعوه إلى الإسلام ، ونبين له محاسنه ، فالإسلام هو الدين الواجب اتباعه وأما غيره من الأديان فهي باطلة، وهكذا فلعل الله أن يهديه إلى الإسلام.
وهذه دعوة لإخواني الملتزمين فلو أن كل واحد منَّا خصَّص يومًا في الأسبوع، ومشى إلى هذه الورش وأماكن تجمّع العمال وغيرهم، ودعا إلى الله تعالى، أو مشى إلى أماكن تجمعهم للصلاة، وألقى عليهم كلمة قصيرة، فإنه سيحصل بذلك خيرٌ كثيرٌ إن شاء الله.
      ولو ذهب كل واحد أو مجموعة إلى تلك المجالس والمخيمات ونحوها، وألقى نصيحة وكلمة خفيفة، أو وزع منشورًا أو شريطًا من الأشرطة المفيدة النافعة.
      فماذا تكون النتيجة بعد ذلك؟!!       لا شك أن الخير سينتشر بإذن الله تعالى، وينتشر الإسلام انتشارًا كبيرًا ، ويكثر أهل الخير والمستقيمون والمتمسكون بدين الله، وهذا ما نتمناه ونرجوه إن شاء الله، ونرجو أن يكون من الإخوة الحاضرين وغيرهم من لديهم هذه الرغبة والعزيمة، وأن يضعوا نصب أعينهم وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب حين بعثه للجهاد، فقال له: لأن يهدي الله بك رجلا واحدًا خيرٌ لك من حُمْر النّعم  نسأل الله أن يَمنّ علينا بطاعته ، ونسأله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، ونسأله أن يجعلنا من المتمسكين بشريعته، والذابين عن دينه ، والمجاهدين في سبيله، والمبلغين لأمره وشرعه، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، والداعين إلى الله على بصيرة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.