إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
حقيقة الالتزام
18234 مشاهدة
المقدمة

  إن الحمد لله نحمده ونشكره ونثني عليه ونستغفره، ونشهد أن لا إله إلا الله وهو ربنا عليه توكلنا وإليه ننيب، ونحمده سبحانه أن هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله.
أما بعد :
فإننا نشاهد اليوم هذا الإقبال الكبير من شبابنا على دين الله وعلى طاعته، وتطبيق شرعه واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وعلينا أن نتفاءل بهذا الإقبال، فهناك الإقبال على طلب العلم، والإقبال على تطبيق السنة النبوية والإقبال على تطبيق الشريعة في كل شؤون الحياة.
ولا شك أن هذا الإقبال يذكرنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه علي بن يزيد عن القاسم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:   إن لهذا الدين إقبالًا وإدبارًا، وإن من إقباله أن تفقه القبيلة بأسرها، فلا يبقى فيها إلا الفاسق والفاسقان، فهما ذليلان فيها، إن تكلما قهرا واضطهدا، وإن من إدبار هذا الدين أن تجفو القبيلة بأسرها، فلا يبقى فيها إلا الفقيه والفقيهان فهما ذليلان ، إن تكلما قهرا واضطهدا .
وعلي بن يزيد ضعيف ولعل الحديث موقوف.
 لقد كنا قبل ثلاثين أو أربعين سنة نكاد أن نيأس ونقطع الرجاء لما نراه من الأسباب التي تبعد عن الإسلام وعن الدين، ولما نراه من الجفوة والإدبار والسخرية والاستهزاء حتى في المتعلمين والمتفقهين ، ولكن والحمد لله اليوم نرى إقبال الشباب على التمسك وعلى الالتزام بالشرع وعلى الاستقامة عليه.
 لقد حصل من هذا الالتزام وهذه الاستقامة أثر بليغ؛ ألا وهو هذه الصحوة الإسلامية التي انتشرت في جميع أرجاء المعمورة، فما هذه الصحوة إلا نتيجة من نتائج الإقبال على هذا الدين وتطبيق الشرع والتمسك به والاستقامة عليه.
وفي هذه الرسالة الصغيرة نتحدث عن الالتزام وحقيقته وأدلته من الكتاب والسنة ، ثم الحديث عن أحوال الملتزم وصفاته.
 نسأل الله أن يمنَّ علينا بطاعته، وأن يقبل بقلوبنا على محبته وطاعته وعبادته ، ونسأله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ، وأن يجعلنا من المتمسكين بشريعته، والذابين عن دينه والمجاهدين في سبيله ، والمبلغين لأمره وشرعه، ومن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، والداعين إلى الله على بصيرة ، وأن يرزقنا الاتباع لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فإلى المقصود والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.