اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
حقيقة الالتزام
20751 مشاهدة
ترك البدع والمعاصي والملاهي

ثالثًا: من أعمال الملتزم والمستقيم: ترك البدع والمعاصي والملاهي:       إن الشاب الملتزم والمستقيم هو ذلك الشاب الذي حرص كل الحرص على تطبيق شرع الله، وتطبيق تعاليم الإسلام ، كما أنه حرص كل الحرص على البعد عما يدنس عرضه، وعما يقدح في عدالته، وعما ينقص من قدره ومكانته وذلك بترك البدع والمعاصي والملاهي.
      أما الكفر والشرك فمعلوم حكمه، وننزه الشاب الملتزم أن يصل إلى هذا.
      أما هذه الثلاثة: وهي البدع والمعاصي والملاهي ؛ فهي التي يجب أن يحرص الشاب الملتزم على تركها والتمسك بالسنة حتى يكون من أهل النجاة بإذن الله تعالى .
إن الدعاة إلى البدع كثيرون، وخاصة في هذا الزمان، فهم يضيفون البدع إلى الشريعة، وما عرفوا أن شريعة الله كاملة لا نقص فيها.
وموضوع البدع وتفنيد شبهات أهلها وضرب الأمثلة عليها موضوع طويل ، ومن أراد البحث في ذلك رجع إلى المؤلفات في ذلك .
أما المعاصي : فما أكثرها اليوم ، وما أكثر الدعاة إليها ، حتى أصبح من الدعاة إلى المعاصي من يزينون المعصية، ويقولون: إنها من الضروريات !‍ أو أنها من مسايرة الزمان ! أو أن أهل هذا الزمان بحاجة إليها‍ ! ولا يستغنون عنها !‍ وما أشبه ذلك ‍‍!! ولنأخذ مثلا على ذلك : (الأغاني):
فهناك من يقول: أنها تنشط الجسد، وأنها تنمي الفكر، وأنها غذاء الروح ، وأنها تقوي الذكاء، وأنها تسلي الإنسان، وأنها قضاء للوقت، وأنها ... وأنها ...
      ثم يضربون صفحًا عن مضارها ، وعن الأسباب التي توقع فيها ؛ بل ويضربون صفحًا عن النصوص التي تدل على تحريمها.
ومثلا آخر: (الأفلام الخليعة):
فهاك من يدعوك إلى النظر إليها ، ويقول فرِّج عن نفسك يا أخي ! فإنك بحاجة إلى أن تمتع عينيك وتسلي قلبك، وانظر إلى هذا الجمال وهذه الصور، ومتع نفسك! وهكذا ينشرون مثل هذه الشبهات !!  ثم لا يذكرون شيئًا من الأضرار التي توقع فيها ، فلا يذكرون أنها تزرع الفتن في القلوب، وأنها تدعو إلى المعاصي والوقوع في الفواحش ، وأنها تشجع النساء على التكشف وعلى السفور وعلى الاختلاط بالرجال ، وأنها وسيلة إلى فعل الجرائم الشنيعة ، فكل هذا لا يذكرونه أبدًا .
فيا أخي الملتزم، إن ابتعادك عن مثل هذا هو حقيقة من حقائق التزامك، وضرورة من ضروريات استقامتك.
وخذ مثلا على تناول (المشروبات المحرمة):
فهناك من يقول: أنها مشروبات روحية ! وأنها تنقل الإنسان من عالم إلى عالم آخر ! وأنها أشربة طيبة ! وأنها تسلي الإنسان ولا ضرر فيها ! وغير ذلك من الضلال والانحراف !!  ونسوا بعد ذلك قول الله تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .
أما الملاهي : فحدِّث ولا حرج ، فهي تلك المجالس المليئة باللغو والباطل والكلام الذي لا فائدة فيه ، والقيل والقال ، وقد مدح الله المؤمنين بقوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ .
فجعل من صفات المؤمنين البعد عن اللغو وهي : الصفة الثانية بعد الصلاة.
 وهذه حقيقة الملتزم ! وهي : البعد عن الملاهي واللغو والمجالس الخالية من ذكر الله.