(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
درس الفجر
5945 مشاهدة
من شروط الصلاة: النية

والنية هي: عزم القلب على فعل القربة التي يتقرب بها، أن يعزم بقلبه على أن يفعل هذه الطاعة التي كلف بها المسلمون، فإذا فعل العبادة بدون نية ما قبلت منه.
فمثلا الطهارة لو أن إنسانا كبيرا أو صغيرا مر بماء فأراد أن ينشط نفسه فغسل وجهه ومضمض واستنشق ونظف وجهه؛ لأجل أن يذهب عنه الكسل، ثم غسل ذراعيه؛ لأجل أن ينشط نفسه، ثم بدا له فمسح رأسه، وغسل رجليه، غسل وجهه بدون نية، وغسل ذراعيه بدون نية رفع الحدث، وإنما للنظافة ثم كمل بقية وضوئه بنية، ما ارتفع حدثه ولا صح أن يصلي بهذه الطهارة؛ وذلك لأنه ما نوى بها إلا التنشيط، أو إزالة الكسل والنعاس، فلا يصلي بهذه النية بهذه الطهارة، لا بد عند إرادته الطهارة أن ينوي رفع الحدث، وذلك أنه مأمور أن يفعله بنية العبادة حتى يثاب .
هذه النية هي: محلها القلب ولا حاجة إلى أن يتلفظ بها لا عند الطهارة، ولا عند الصلاة، ولا عند غيرها من العبادات، والذين يتلفظون بها ليس لهم دليل، يوجد من يتسمون بأنهم من الشافعية يدعون أنه يشرع التلفظ بها وأنه من السنة، إذا أراد أحدهم أن يتوضأ قال: اللهم إني نويت أن أغسل أعضائي هذه أعضاء الوضوء ليرتفع عنها الحدث، وإذا أراد أن يصلي يقول: نويت أن أصلي صلاة الصبح مأموما مستقبل القبلة ركعتين أداء لا قضاء، ويستمر في مثل هذا، الله –تعالى- عالم بالقلب يعلم ما في القلوب، فلا حاجة إلى أن تخبر الله بعمل هو أعلم منه في قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ .
ذكروا أن الشافعي يرى التلفظ بالنية ولم يصح ذلك عنه صريحا، إنما قال له رجل: بأي شيء تفتتح الصلاة؟ فقال: بثلاثة واجبان، وسنة، ثم فسرهما فقال: الواجبان النية، والتحريمة، والسنة رفع اليدين، فأخذوا من قوله النية أنه يتلفظ بها كما يتلفظ بالتحريمة ولكن هذا غير مقصود له، وإنما أراد أنه يستفتح بثلاثة أشياء، يستفتح بعمل قلب وهو النية، وبعمل لسان وهو التحريمة، وبعمل بدن وهو رفع اليدين عند التحريمة، فتكون هذه الأشياء شاملة لعمل القلب، وعمل اللسان، وعمل الجوارح.
لا بد أن الذي يتوضأ أو يصلي يعزم على هذه العبادة حتى يثاب عليها، لو أن إنسانا قال أنا أريد أن أصلي بكم؛ حتى أعلمكم، فأخذ يركع ويسجد ويقوم ويقعد؛ قصده أن يتعلموا منه فهل يكون له أجر في إسقاط فريضة، هو أراد أن يصلي بهم في الضحى يريهم، فكبر مثلا وأتى بالتحريمة وأتى بالقراءة إلى أن سلم من ركعتين، ولما سلم قال: أنا قد كنت أصلي صلاة الضحى والآن أَعُد هذه صلاة الضحى ما نويت إلا أنك تريهم كيف تكون الصلاة فلا يكون لك بها أجر، أجر الصلاة التي يثاب عليها، لك أجر على التعليم، ولكن ليس لك أجر على هذه الأفعال؛ لفقد النية .