قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
درس الفجر
7980 مشاهدة print word pdf
line-top
من شروط الصلاة: التمييز

وأما الشرط الثالث: فهو التمييز وضده الصغر، الصغير لا شك أنه مستعد لأن يؤمر وينهى، ولكن في حالة صغره لا يكلف ولا يميز، ولكن مسئولية تربيته على أبويه فإنهما اللذان يلقنانه ويعلمانه ما ينفعه، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه بمعنى: أنه يولد سليم الفطرة إذا تلقى شيئا فإنه يوافق الفطرة التي فطر خلق عليها، ولكن إذا تولاه الأبوان وهما كافران تربى على الكفر الذي لقي عليه أبويه، وكذلك إذا تربى على بدعة ظهر مبتدعا هذه عادة، إلا أن يهديه الله –تعالى- ويسلم، أو يلزم السنة بعد ذلك فهذا فضل من الله وتوفيق منه.
وإذا كان كذلك فإن على الأبوين تربية أولادهما تربية صالحة، فيربونه ويعلمونه في حالة صغره، يعلمونه العقيدة، من ربك يا ابني؟ بأي شيء عرفت ربك؟ ولأي شيء خلقك الله؟ ما أول شيء فرض الله عليك؟ كيف تكون مسلما؟ ما دين الإسلام؟ وما معرفة دين الإسلام؟ ما أركان الإسلام؟ وما واجبات الإسلام؟ ما أركان الإيمان والإحسان؟ يعلمونه ذلك مبدئيا من حين يفهم ومن حين يتكلم في السنة الثانية والثالثة والرابعة وما بعدها، ويعلمانه ما حرم الله عليه، ويبينان له أن المحرمات يعاقب عليها، وأن الله –تعالى- هو الذي حرمها وتوعد عليها، وأن الله عنده جنة ونار أعد الجنة لمن عمل خيرا، وأعد النار لمن عمل الشر أو عمل الكفر.
ويحذرانه من المحرمات التي إذا انغمس فيها وهو صغير صعب بعد ذلك تخليصه صعب تخليصه منها، فيبعدانه عن سماع الأغاني، وعن النظر إلى الصور القبيحة سواء كانت في صحف أو في أفلام، وكذلك أيضا يحذرانه من الأشربة المحرمة، كالخمر والدخان وما أشبهها، فإذا نشأ على ذلك نشأ نشأة صالحة ونفعه تعليمه، وكذلك أيضا يكتب الله أنه من أهل الخير، وينفع أبويه في حياتهم، وبعد وفاتهم يكون يزود أبويه بالدعاء، بالدعاء لهما ويقول مثل ما قال الله وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا .
فإذا بلغ سن التكليف فإنه يُلزم، يلزم بالعبادة وبلوغه يكون بتمام خمس عشرة سنة، أو بإنبات الشعر الخشن حول الفرج، أو بالإنزال أو الاحتلام، فإذا بلغ كلف وأمر بأن يمتثل العبادة وعوقب كما يعاقب الكبير على تركها والتساهل فيها.
ومع ذلك فإنه يعلم عند التمييز العبادة حتى يألفها، فإذا عقل كان ابن ست سنين أو ابن سبع سنين فإنه يفهم، ففي هذه الحال يعلم كما أنه ينتظم في المدرسة الابتدائية أو الروضة فإنه كذلك أيضا يُعلم ما يلزمه في الدين يتربى على ذلك ويحبه، فيعلمونه صفة الطهارة ونواقضها، ويعلمونه صفة الصلاة، وعدد الصلوات، وما يلزمه فيها، فإذا تعلمها ونشأ على محبتها في صغره ألفها بعد ذلك صارت سهلة عليه، وأما إذا ترك يلعب مع اللاعبين ويمرح ويسرح ويذهب ويجيء بدون فائدة أو ترك مكبا على الصور وعلى الأفلام وعلى الصور السخيفة لا يعرف غيرها؛ فإنه يقسو قلبه، فإذا بلغ وإذا هو قد ألف سماع هذه المحرمات، والنظر إلى هذه الملهيات ولم يعرف الصلوات، ولم يعرف المساجد، وإنما عرف أماكن اللهو وأماكن اللعب، فيصعب بعد ذلك تقويمه، وتثقل عليه العبادة: كالصلاة، والصوم، والذكر، والقراءة، ونحوها .
فلذلك جاء الحديث بأمرهم صغارا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع مروا أولادكم بالصلاة لسبع الأمر هاهنا أمر تعليم إذا بلغ السابعة يؤمر بالطهارة، ويؤمر بالصلاة، ويؤتى به إلى المسجد، ويعلم الطمأنينة، ويعلم القراءة التي تلزمه في الصلاة، وما أشبه ذلك، فإذا تم العاشرة فهنالك يضرب إذا تأخر ضرب تأديب لا ضرب تعذيب يُنفر.
هذه الشروط الثلاثة الإسلام، والعقل، والتمييز، شروط للطهارة، وشروط للصلاة، وشروط للتيمم، وشروط للاغتسال، وشروط للزكاة، وشروط للصيام، وشروط للحج، لا بد منها في كل هذه العبادات، أما الشروط الباقية للصلاة فإنها تختص بالصلاة، إلا شرط النية فإن النية لازمة في كل العبادات.

line-bottom