شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب
5674 مشاهدة
أسباب الخوف

...............................................................................


وقد ذكرنا في باب الخوف بعض الأسباب التي إذا تذكرها العبد فإنه يخاف أشد الخوف، فإن الله -تعالى- يقص علينا عقوبات الأمم السابقة؛ يقصها لأجل أن يتذكر العباد ما وقع بالأمم فيخافون. ذكر أنه أهلك قوم نوح وجاءت قصصهم في القرآن، وأنه أهلك عادا قوم هود وأنه أهلك قوم نوح بالغرق، وأهلك عادا بريح صرصر عاتية، وأهلك ثمود بالصيحة، وأهلك قوم لوط بالحجارة: وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ وأهلك قوم شعيب بالظلة، فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ وأهلك فرعون وآله بالغرق، وعاقب بني إسرائيل؛ لما أنهم عصوا موسى عاقبهم بالتيه يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ التيه الذي نزل بهم أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ وكذلك الأمم المكذبة في كل زمان، فإن الله -تعالى- عاقبهم، وننظر أيضًا في هذه الأزمنة، كلما عصت أمة من الأمم؛ فإن الله يعاقبهم، ويسلط عليهم أعداءهم؛ ولو كانوا أكثر منهم، أو ينزل عليهم عقوبة سماوية.
إذا تتبعنا أخبار كثير من دول إسلامية وجدناها قد حلت بهم عقوبات، ولو على الأقل الجفاف والجدب الذي هلكت به مواشيهم، وأدركهم الجوع، وأدركهم الجهد، وربما أحس كثير منهم بالجوع والظمأ وشدة المئونة ونحوه؛ فهذا يدل على أنه -سبحانه- يعاقب من عصاه؛ فيكون الإنسان دائما خائفًا، يتذكر عقوبة الله بالأمم السابقة. هذا من أسباب الخوف.
كذلك أيضا من أسبابه ما يذكره الله -تعالى- في كتابه من العقوبات الأخروية، وهي العقوبات الدائمة الباقية، ما جاء في الأدلة من عقوبة في البرزخ، عقوبة من يموت وهو كافر أو منافق، أو نحو ذلك في البرزخ الذي بين الدنيا والآخرة، وهو عذاب القبر، ما جاء أنه يفتن في قبره، وأنه يسأل ويختبر، وأنه بعد ذلك يعذب عذابًا شديدًا، وأنه يصير القبر عليه نارا، أو حفرة من حفر النار، ويضرب بتلك المقمعة، يضرب بمرزبة من حديد ونحو ذلك؛ هذا أيضًا مما يسبب أن الإنسان يخاف خوفًا شديدًا من عقوبة الله.
كذلك أيضًا ما ذكر في البعث، أي: في يوم الجمع ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وما يكون فيه أهل الحشر من طول الموقف، وكذلك تسليط العرق عليهم؛ حتى يلجمهم العرق، وهكذا أيضًا ما ينالهم من الهم والغم، وما ينالهم من الخوف الشديد إلى أن تكون نهاية ذلك أن يساق هؤلاء وهؤلاء؛ كما في قول الله -تعالى- يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا وغير ذلك من الأسباب التي.....