إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
كلمة في معهد سلاح المدرعات
3826 مشاهدة
أنواع الدعاء وأسباب الإجابة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله صباحكم بكل خير، وأسأل الله بِمَنِّهِ وكرمه أن يُوزِعَنَا جميعا شكر نعمه، وأن يدفع عنا نِقَمَهُ، وأن يؤيدنا بنصره، وأن يمكن لنا في الأرض، وأن يؤمن لنا بلادنا، ونساءنا وأولادنا، نسأله سبحانه ألا يحرمنا واسع فضله، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا من لدنه رحمة، إنه هو الوهاب.
وبعد: أيها الإخوة، إني أذكركم، ولست والله خيركم، وقد أكون مقصرا في نفسي؛ ولكن من باب التذكير الذي أمر الله تعالى به، أمرنا وأمركم جميعا بالتذكير في قول الله تعالى: فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ وفي قوله: فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ وفي قوله تعالى: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى وفي قوله: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ .
أذكركم بما تعرفون من أن الله تعالى سبحانه وتعالى هو ربنا، والرب هو المعبود، وأذكركم بأنه الذي خلقنا، والخالق هو المحمود، وأذكركم بأنه فرض علينا عبادته وحده، وأمرنا بأن نُفْرِدَهُ بالعبادة، ونترك عبادة ما سواه، والعبادة هي التذلل والخضوع، ولا يسمى العابد عابدا إلا إذا كان خاضعا متواضعا متذللا لمن عبده؛ فنتواصى بأن نحقق هذا الذل وهذا الخضوع، وهذا التواضع لربنا سبحانه وتعالى.
وأذكر بعضا من أنواع العبادة التي أمرنا الله تعالى بها، ولا بد أنكم قرأتموها وقرأها أولادكم في المدارس الابتدائية وما بعدها؛ ولكن من باب التذكير.
فأوصيكم بإخلاص الدعاء لله سبحانه، أن تدعوه وحده كما أمرنا، قال تعالى: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ادعوا الله يعني: قوموا بدعوته وحده، تعرفون أن الدعاء يَعُمُّ دعاء العبادة، ودعاء الطلب.
دعاء الطلب: هو سؤال الله تعالى جميع الحاجات. لا شك أنه أمرنا بأن ندعوه، ووعدنا أن يستجيب لنا، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وجاء في الحديث: إن الله يُحِبُّ الْمُلِحِّين في الدعاء وجاء أيضا قوله عليه الصلاة والسلام: مَنْ لم يسأل الله يَغْضَبْ عليه يعني: من لم يسأله حاجاتِهِ ويَدْعُه؛ فإنه يغضب عليه؛ حيث لم يُنْزِل به حاجاته ،ولم يَدْعُهُ في أموره؛ فادعوا ربكم، قال الله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً أكْثِرُوا من الدعاء؛ فإن الله تعالى وعدكم بالإجابة.
كذلك أيضا من الدعاء: دعاء العبادة حافظوا على العبادة؛ فإنها دعاء، فنقول: إن من الدعاء جميع القربات، فأنت إذا حافظت على الصلاة؛ فقد دعوتَ الله، وكذلك إذا أديت الزكاة؛ فقد دعوته، إذا تصدقت من مالك؛ فإنه دعاء، إذا تقربت بصيام أو حج ونحوه؛ فإنك دعوته، وذلك لأنك بهذه الطاعات تلتمس رضا الله، فكأنك تقول: يا رَبِّي أصوم لك وأُصَلِّي، رجاء عفوك ورحمتك، ورجاء ثوابك وجنتك، فهذا سبب تسمية الأعمال كلها دعاءً.
فادعوا الله تعالى كما أمركم، وأكثروا من دعائه حتى يستجيب لكم كما وعدكم.
قال بعض الصحابة: يا رسول الله، أقريب ربنا فنناجيه؟ أم بعيد فنناديه؟ أنزل الله تعالى وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فأخبر بأنه قريب مجيب، فعلينا أن نُكْثِرَ من دعائه، حتى يستجيب لنا، ونأتي بالوسائل والأسباب التي تكون سببا في إجابة دعائنا.
فمنها: التوسل بأسمائه الحسنى، قال الله تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا يعني: اسألوه بأسمائه، يا ربنا، يا رحمن، يا عزيز، يا غفور، يا أرحم الراحمين، يا ملك، يا قدوس، يا خالق، يا بارئ، يا رازق، تَوَسَّلُوا إليه بأسمائه؛ فإن ذلك من أسباب إجابته، كذلك أيضا أَكْثِرُوا من الإلحاح وتَكْرَار الدعاء، ولا يعجل أحدكم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: يُسْتَجَاب لأحدكم ما لم يَعْجَلْ، قالوا: وكيف يَعْجَلُ؟ قال: يقول: دعوتُ؛ فلم يُسْتَجَبْ لي فيستحسر عند ذلك، ويدع الدعاء.
كذلك أيضا من أسباب إجابة الدعاء أكل الحلال قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ثم ذكر الرجل يُطِيل السفر أشعثَ أَغْبَر، يَمُدُّ يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرامٌ، وملبسه حرامٌ، ومشربه حرامٌ، وغُذِّيَ بالحرام، فَأَنَّى يُسْتَجَاب لذلك؟! فجعل أكل الحرام مانعا من إجابة الدعاء، وأكل الحلال وسيلة إلى إجابة الدعاء. فنتواصى بأن نُكْثِرَ من دعاء الله تعالى، فَمَنْ دعا الله؛ فلا يخيب، إما أن يُعَجِّلَ الله له ما طَلَبَهُ ويعطيه سُؤْلَهُ؛ فيكون قد حصل على استجابة الدعاء، وإما أن يدفع الله عنه من السوء مثله، وإما أن يَدَّخِرَهُ له في الآخرة.