اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
كلمة في معهد سلاح المدرعات
4739 مشاهدة
التوبة من المعاصي ورجاء رحمة الله تعالى

وكذلك أيضا الرجاء، يكون العبد راجيا لرحمة الله؛ ولكن لا يكون رجاؤه رجاء أهل الغرور.
الرجاء أيضا له أسباب، إذا تذكرت الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض؛ فإنك ترجو أن تكون من أهلها، إذا تذكرت سعة رحمة الله تعالى؛ فإنك تأتي بالأسباب التي تجعلك من أهلها، قال الله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ لِمَنْ؟ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ هؤلاء هم الذين كتب الله تعالى لهم الرحمة، والذين قال تعالى: وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ .
إذا جاءك الذين يؤمنون بآيات الله ويؤمنون بالله ويعملون لرضاه فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
أخبر تعالى بأنه كتب على نفسه الرحمة، وأن هذه الرحمة تكون لمِنَ ْوقع في السيئات ثم تاب من بعد ذلك وأصلح، فإذا كان الإنسان في أول شبابه أو في أول عمره قد فرط في حياته، وقد ترك الصلوات، وقد أكل في نهار رمضان متعمدا مثلا، وقد فعل شيئا من المعاصي، قد فعل زنا أو فواحش، وقد شرب خمرا أو مسكرات أو ما أشبه ذلك، أو كالمخدرات ونحوها، وقد ظلم الناس وسرق واختلس وانتهب شيئا من الأموال التي لا تحل له، وقد قذف وعصى الله تعالى وظلم الناس، وقد غَشَّ في معاملات، أو أكل ربا أو نحو ذلك، وقد عَقَّ والِدَيْهِ، وقطع رحمه، وهجر المسلمين بغير حق، وأفسد في الأرض، إذا كان قد فعل ذلك، ثم تاب الله عليه، وأقبل بقلبه إلى طاعته؛ فإنه -والحال هذه- يكون من هؤلاء.
كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ يعني: فعل ذلك حالةَ كَوْنِهِ جاهلا غَيْرَ مُتَصَوِّرٍ للعذاب، فعل ذلك، عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ أصلح الأعمال، فإن الله تعالى يتوب عليه، فأنه غفور رحيم، ولذلك نقول: لا تَقْنَطْ من رحمة الله، ولا تَيْأَسْ من رَوْحِ الله، إذا كنتَ قد عملت سيئة أو سيئات في أول حياتك؛ فإن الله تعالى يقبل التوبة، يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ويفرح بتوبة التائب، ما أشد ما نتصوره من الفرح، يفرح بتوبة عباده ويقبلها؛ ولكنه تعالى إنما يتوب على الصادقين قال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ يعملون السيئات بجهالة، ثم يتوبون من قريب، فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا فنقول: إن المؤمن في هذه الدنيا يجمع بين الخوف والرجاء والمحبة.