لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
كلمة في معهد سلاح المدرعات
5124 مشاهدة print word pdf
line-top
الوصية بالخوف من الله تعالى

وأوصيكم بالخوف من الله، جاء في الحديث: مَنْ خاف أدلج، ومَنْ أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غاليةٌ، ألا إن سلعة الله الجنة وهذا مثل للمسافِرِ قديما، الذي يسلك طريقا فيها أعداء، وفيها قُطَّاع طريق، فإنه يسير في الليل؛ حتى يخفى على أولئك الأعداء، الذين يتربصون له ليقتلوه، فإذا كان خائفا؛ فإنه يقطع السير في الليل، حتى يصل إلى المنزل الذي يقصده، فهكذا مَنْ خاف مِنَ الله تعالى عمل بطاعته، وعمل برضاه.
علينا أن نخاف من عقاب الله، وعلينا أن نخاف من عذابه، نخاف من النار التي أعدها لمن كفر به، ونخاف من العذاب في الدنيا، نخاف أن يُعَجِّلَ لنا العقوبة، إذا أصررنا على المعاصي وعلى المحرمات، فإنا إذا فعلنا ذلك؛ كانت العقوبه قريبةً.
قد ذكر الله تعالى الذين لم يخافوه، وكيف أنه عاقبهم، وكيف يأمنون مكر الله، اقرءوا قول الله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ .
أهل القرى: أهل البلاد الذين تمادوا في المعاصي، وأكثروا من الذنوب، وتهاونوا بأمر ربهم، وعملوا السيئات، تركوا الطاعات، وجاهروا بالخطايا، يقال لهم: ألا تأمنون عذاب الله؟ كيف تأمنون عذاب الله؟ ألا تخافون من الله؟ ألا تخافون من مَكْرِهِ؟ ألا تخافون من عذابه؟ فإنه سبحانه ليس بغافل عما تعملون، فإنه يراكم، ويراقبكم، ويَطَّلِعُ على أعمالكم، وليس بغافل، فكيف تأمنون مَكْرَهُ؟
جاء في الحديث: إذا رأيت الله يعطي العبد وهو مقيم على معاصيه؛ فاعلم أنه استدراج يعني: قول الله تعالى: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ يعني: أُمْهِلُهُمْ وأؤخرهم إلى أن يأتي الوقت الذي يحين فيه الانتقام؛ فعند ذلك ينتقم الله منهم، إذا أصروا وعاندوا واستكبروا، ولم يتقبلوا أمر الله، ولم يأمنوا، ولم يخافوا من عقوبته، جاء في الحديث إن الله لَيُمْلِي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْهُ وقرأ قول الله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ .
فالله تعالى يُمْلِي للظالم يعني: يُمْهِلُ له، ويعطيه، ويُمَكِّنُ له، ويُؤَخِّرُ عذابه عنه، ويؤخر الانتقام منه، حتى يحين الوقت الذي يأذن الله تعالى بِأَخْذِهِ فيه، فإذا أخذه؛ لم يُفْلِتْهُ، فقال تعالى: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا يعني: ليلًا، وَهُمْ نَائِمُونَ أي: ينتقم الله منهم، أن يسلط عليهم عَدُوًّا من سوى أنفسهم، أو ينزل عليهم عقوبة سماوية، لماذا؟ لأنهم أمنوا مَكْرَ الله، ولأنهم لم يخافوا عقوبته، أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ في مَكْرِهِم وفي خَوْضِهِم وفي لَعِبِهِمْ، يأتيهم أمر الله تعالى فيجعلهم حصيدا خامدين.
إن هذا ونحوه يُؤَكِّدُ علينا أن نخاف من الله أشَدَّ الخوف، إذا تذكرنا عقوباته لمن سبق، إذا تذكرنا أنه عاقب أُمَمًا مكذبة، عاقب قوم نوح بالغرق، وعاقب قوم عاد بالريح الصرصر العاتية، وعاقب قوم ثمود بالصيحة، إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ وعاقب آل فرعون بالغرق، وعاقب قارون بالخسف، أن خَسَفَ به، وغير ذلك من العقوبات، فلا نأمن أن يعاقبنا الله تعالى عقوبة على تساهلنا بأمر المعاصي، وعلى إصرارنا عليها، وعَدَمِ الخوف من الله سبحانه وتعالى.

line-bottom