اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
محاضرة بعنوان المكسب الحلال والمكسب الحرام
6068 مشاهدة
أكل الحرام سبب لرد الدعاء

وإذا عرفنا ذلك فإن على المسلم أن يتوقى الحرام بأنواعه سواء الحرام لكسبه، أو الحرام لقبح فيه ظاهر، يتوقى ذلك كله ويحرص على أن يتغذى ويغذي أهله بالكسب الحلال، وبالمال المباح، وبالطيب الطيب حسيا، والطيب معنويا؛ لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لما ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ويمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب! ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له! فهذا دليل على أن التغذي بالحرام سبب لرد الدعاء وعدم إجابته، عدم قبول العبادات، وعدم قبول الدعوات فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل فعل أربعة أسباب من أسباب إجابة الدعاء:
السبب الأول: إطالة السفر؛ وذلك لأن المسافر إذا طال سفره فإنه لا بد أن ينكسر قلبه، ولا بد أن يضعف بدنه، ولا بد أن ينيب إلى ربه؛ فلذلك دعوة المسافر يرجى قبولها إذا طال سفره.
الأمر الثاني: كونه أشعث أغبر أي لم يتفرغ للعناية ببدنه وذلك دليل الانكسار، ودليل الاستضعاف بين يدي الرب سبحانه وتعالى، ودليل التواضع فإن الله يستجيب لمثل هذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: رُب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره أي لو حلف على الله تعالى . يطلب من ربه كذا وكذا لأجاب دعوته ولأبر قسمه، فهذا أشعث أغبر ومع ذلك لم يستجب دعاؤه ولم يستجب قبوله.
السبب الثالث: رفع اليدين يرفع يديه إلى السماء وهذا من أسباب إجابة الدعاء كما قال صلى الله عليه وسلم: إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا أي خاليتين.
السبب الرابع: التوسل إلى الله تعالى بصفة الربوبية، كونه يقول: يا رب يا رب. يستضعف أمام ربه، أي أنت ربي، أنت مالكي وسيدي، أنت المربي لي ولجميع العباد، ومع ذلك ومع هذا الاستضعاف ما قُبلت دعوته، لماذا؟ لأنه يتغذى بالحرام، ولأنه يلبس الحرام، ويأكل الحرام، هذا جزاء من تغذى بالمحرم.