شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
محاضرة بعنوان المكسب الحلال والمكسب الحرام
5519 مشاهدة
حرمة الغش في المعاملات

وهكذا أيضا حرم الله تعالى الغش في المعاملات ؛ لأن الذي يغش يأخذ مالا لا يستحقه، فثبت أنه صلى الله عليه وسلم مر على رجل يبيع طعاما فأدخل يده في جوف ذلك الطعام في وسطه فنالت رطوبة وبللا فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء. قال: هلا جعلته أعلاه كي يراه الناس، من غش فليس مني هكذا مر على بائع يبيع تمرا أو يبيع بُرا أو ذرة يعني أو شيئا من المطعومات فأدخل يده فنالت رطوبة أعلاه يابس وأسفله أو داخله رطب، فاعتذر ذلك البائع بأن هذا من المطر أصابه مطر فابتل منه، فأخبر بأن هذا غش، فلازم ويلزمك أن تظهر ذلك الرطب حتى يراه الناس، ولا تعطيهم منه وهم لا يشعرون.
فإذا كان هذا في نوع من هذا النوع فكيف بالغش في سائر المبايعات والمعاملات! فعلى المسلم في معاملته أن لا يغش إخوته، ولا يخفي عليهم شيئا من العيوب في السلع التي يعيبها، من أراد أن يبيع سلعة فعليه أن يبين ما فيها من العيوب حتى يبرأ من هذا الذنب الذي هو الغش في المعاملات، فإذا بعت ثوبا فلا بد أن تبين عيوبه، وإذا بعت طعاما فلا بد أن تبين ما فيه من العيوب، وإذا بعت سيارة فلا بد أن تبين ما فيها من العيوب؛ حتى لا تأكل مال أخيك بغير حق، وحتى لا تدخل في هذا الحديث: من غش فليس مني .