إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
شرح كتاب الآجرومية
97653 مشاهدة
على

...............................................................................


وأما ( على ) فإنها أيضا من حروف الجر، فتقول مثلا: رَقَيْتُ على الجبل، قال تعالى وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ وقال تعالى: فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ كل هذه أسماء دخل عليها حرف ( على)، فيقولون: إنها تفيد ثلاثة أشياء: تفيد اسمية مدخولها، أنها لا تدخل إلا على الاسم، وتفيد الحكم عليه بالجر، أن كل ما دخلت عليه فإنه مجرور، وتفيد أمرا معنويا، وهو العلو، أو الاستعلاء، فإنها تفيد العلو، إذا قلت مثلا: رقيتُ على السقف، صعدت على الجبل، ومثلها: وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ كل هذا دليل على الْعُلُوِّ، أي: الارتفاع، فأفادتنا هذه الثلاثة الأمر المعنوي: وهو العلو.