إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
كيف تطلب العلم
18662 مشاهدة
الصبر على طلب العلم

10- يحرص الطالب على طلب العلم ويهتم به، لكنه ينظر بعد حين إلى مقدار ما جناه من العلم فيجد ذلك قليلا.. فربما مل وضجر ورأى طول الطريق وصعوبة المواصلة؟ فتوقف، فما توجيهكم؟
عليه أن يستمر ويجد ويجتهد في الطلب، ولا يمل ولا يضجر من مواصلة الطلب، فإن الإنسان محل النسيان:
وما سمي الإنسان إلا لنسيه ولا القلـب إلا أنـه يتقلب

فالنسيان طبيعة الإنسان، ولو لم يحصل النسيان لاكتفى المرء بدراسته شهرًا أو شهرين، وحفظ كل ما مر عليه من العلوم، ولكن من حكمة الله -تعالى- أن يحصل له نسيان بعض العلوم التي مرت به، حتى كأنه لم يكن قرأها ولا سعها، وعليه مع ذلك تكرار القراءة والمذاكرة، فإنه بذلك يحصل رسوخ المعلومات في القلب، وتأخر النسيان، وعليه أيضا الحرص على حفظ المتون والمختصرات، ثم تعاهد الحفظ وترداده، فإن الحفظ وسيلة إلى بقاء المعلومات، واستمرار تذكرها زمنا طويلا، وكذا الحرص على فهم المعاني، وتصور تلك المسائل، ومعرفة ما تدل عليه، فإن الكلام الذي لا يفهم معناه يتلاشى ويذهب من الذاكرة سريعا، وقد مثل بعضهم الكلام المفهوم بالإنسان الحي الذي يمشى معك ويساعدك، وما لا يفهم بالإنسان الميت يحمله الإنسان على رأسه ثم يمل منه ويلقيه، ثم لا بد من الصبر والتحمل على الاستمرار، ولو طال الزمن كما قال الشاعر:
أخي لــن تنال العلم إلا بستة سـأنبيك عـــن تفصيلهـا ببيان
ذكاء, وحرص, واجتهاد, وبلغة وصحبـة أسـتاذ, وطـول زمـان


فلا تستطل ما أمضيته في التعلم، فإن من وصايا بعض الفقهاء قولهم: طلب العلم من المهد إلى اللحد. وكان بعضهم يقول: من المحبرة إلى المقبرة. أي أن تشتغل بالكتابة واستصحاب المحبرة، وهي الدواة التي فيها المداد، ولا تتخلى عن ذلك حتى الموت، وذلك لأن العلم لا نهاية له، كما ورد في الأثر عن ابن عباس وابن مسعود والحسن البصري قالوا: منهومان لا يشبعان؛ منهوم في العلم لا يشبع منه، ومنهوم في الدنيا لا يشبع منها .