تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
حقيقة الالتزام
21369 مشاهدة
حديث فعليكم بسنتي

2- حديث: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين:
عن العرباض بن سارية قال:   صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائلٌ: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع، فأوصنا، فقال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبدًا حبشيًّا؛ فإنه من يعِش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة .
وهكذا يأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالتمسك بالسنة والعض عليها بالنواجذ، ذلك أن القبضَ باليدين فيه عرضة للتفلت، فلأجل ذلك من شدة حرصه صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالعض عليها بالنواجذ ، والنواجذ: هي أقاصي الأسنان، وهذا كناية عن شدة التمسك بالسنة مخافة أن تتفلت .
والرسول صلى الله عليه وسلم يوصي بالتمسك بالسنة ويشدد في ذلك ؛ لأن المعوقات كثيرة، والشبهات متعددة ، وهذه المعوقات والشبهات قد تضعف التمسك بالسنة ؛ فلأجل ذلك أوصى صلى الله عليه وسلم بشدة التمسك بالسنة .
والشاب الملتزم حقًّا : هو الذي يتمسك بالسنة ويقبض عليها قبضًا محكمًا ، فيقبض عليها بيديه وعضديه مخافة أن تتفلت منه، ولو أدى ذلك إلى العض عليها بأقاصي أسنانه.
وقفات مع الحديث: 1- لا شك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أوصى بالتمسك بالسنة بهذه الشدة ، إلا لأنه يعرف أن هناك معوقات وأن هناك ضلالات وشبهات ودوافع ، وهذه الشبهات والضلالات قد ترخي تمسك الإنسان بهذه السنة ، ولكن إذا عرف الشاب الملتزم أن تمسكه بالسنة وسيلة لنجاته ، وأن إخلاله بها وسيلة إلى هلاكه ودمار لحياته ، فإنه بلا شك يتمسك بها أشد ما يكون التمسك. 2- أمر آخر: وهو أن الملتزم الذي يعمل بالسنة كما أُمرَ لا شك أنه يلاقي من أعدائه ومن أضداده تسفيهًا وتَضليلا واستهزاءً وتنفيرًا وكيدًا وتنقصًا لحالته واستضعافًا لرأيه ورميًا له بالعيوب ، وهذا ليس بخافٍ على أحد.
فإننا نسمع ما يُرْمَى به الملتزمون من كلمات التنقص فإذا رأوه وقد أرخى لحيته قالوا هذه لحية كأنها:  ذنب تيس، أو كأنه:  عاض على جاعد، أو كأنها:  مكنسة بلدية . . أو كأنها .. أو كأنها.
وربما قالوا: ما فائدة هذا الشعر، فإنه شعر لا فائدة فيه، وربما قالوا: أصلح فؤادك أو أصلح قلبك، فإن الإيمان في القلب ! فإذا آمن قلبك فلا فائدة في هذا الشعر! وإذا آمن قلبك لا يضرك ما عملته ولا يضرك ما فعلته! وهذه كلها شبهات وعوائق تعيق الإنسان عن سيره وتمسكه بالسنة الشريفة.
3- ثم أمر آخر : لقد رأينا كثيرًا من شبابنا الذين رجعوا إلى الله تعالى، وأقبلوا على الطاعة وصحبوا أهل الخير، ثم بعد فترة قليلة، وبعد زمن قصير ارتدّوا على أعقابهم ورجعوا القهقرى ، وغيروا ما كانوا عليه من الالتزام والتمسك ، وعادوا إلى لهوهم وسهوهم، وعادوا إلى المعاصي التي كانوا عليها من قبل .
لماذا؟!! لأن التزامهم لم يكن محكمًا ، وتمسكهم لم يكن قويًّا ، إضافة إلى ضعف إيمانهم مما جعلهم متدينين برهة من الزمان، ثم رجعوا إلى الضلال وإلى الانحراف .
إذًا فعلى المسلم أن يكون قابضًا على السنة وسائرًا على النهج السوي والمنهج المستقيم ، الذي هو صراط الله الذي أمرنا بأن نسلكه وأن نسير عليه ، والذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه طريق واحد مستقيم ليس فيه أي انحراف أو ميل كما في قوله تعالى : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ .
وقوله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ . والمستقيم الذي ليس فيه اعوجاج .