عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
حقيقة الالتزام
21359 مشاهدة
ترك البدع والمعاصي والملاهي

ثالثًا: من أعمال الملتزم والمستقيم: ترك البدع والمعاصي والملاهي:       إن الشاب الملتزم والمستقيم هو ذلك الشاب الذي حرص كل الحرص على تطبيق شرع الله، وتطبيق تعاليم الإسلام ، كما أنه حرص كل الحرص على البعد عما يدنس عرضه، وعما يقدح في عدالته، وعما ينقص من قدره ومكانته وذلك بترك البدع والمعاصي والملاهي.
      أما الكفر والشرك فمعلوم حكمه، وننزه الشاب الملتزم أن يصل إلى هذا.
      أما هذه الثلاثة: وهي البدع والمعاصي والملاهي ؛ فهي التي يجب أن يحرص الشاب الملتزم على تركها والتمسك بالسنة حتى يكون من أهل النجاة بإذن الله تعالى .
إن الدعاة إلى البدع كثيرون، وخاصة في هذا الزمان، فهم يضيفون البدع إلى الشريعة، وما عرفوا أن شريعة الله كاملة لا نقص فيها.
وموضوع البدع وتفنيد شبهات أهلها وضرب الأمثلة عليها موضوع طويل ، ومن أراد البحث في ذلك رجع إلى المؤلفات في ذلك .
أما المعاصي : فما أكثرها اليوم ، وما أكثر الدعاة إليها ، حتى أصبح من الدعاة إلى المعاصي من يزينون المعصية، ويقولون: إنها من الضروريات !‍ أو أنها من مسايرة الزمان ! أو أن أهل هذا الزمان بحاجة إليها‍ ! ولا يستغنون عنها !‍ وما أشبه ذلك ‍‍!! ولنأخذ مثلا على ذلك : (الأغاني):
فهناك من يقول: أنها تنشط الجسد، وأنها تنمي الفكر، وأنها غذاء الروح ، وأنها تقوي الذكاء، وأنها تسلي الإنسان، وأنها قضاء للوقت، وأنها ... وأنها ...
      ثم يضربون صفحًا عن مضارها ، وعن الأسباب التي توقع فيها ؛ بل ويضربون صفحًا عن النصوص التي تدل على تحريمها.
ومثلا آخر: (الأفلام الخليعة):
فهاك من يدعوك إلى النظر إليها ، ويقول فرِّج عن نفسك يا أخي ! فإنك بحاجة إلى أن تمتع عينيك وتسلي قلبك، وانظر إلى هذا الجمال وهذه الصور، ومتع نفسك! وهكذا ينشرون مثل هذه الشبهات !!  ثم لا يذكرون شيئًا من الأضرار التي توقع فيها ، فلا يذكرون أنها تزرع الفتن في القلوب، وأنها تدعو إلى المعاصي والوقوع في الفواحش ، وأنها تشجع النساء على التكشف وعلى السفور وعلى الاختلاط بالرجال ، وأنها وسيلة إلى فعل الجرائم الشنيعة ، فكل هذا لا يذكرونه أبدًا .
فيا أخي الملتزم، إن ابتعادك عن مثل هذا هو حقيقة من حقائق التزامك، وضرورة من ضروريات استقامتك.
وخذ مثلا على تناول (المشروبات المحرمة):
فهناك من يقول: أنها مشروبات روحية ! وأنها تنقل الإنسان من عالم إلى عالم آخر ! وأنها أشربة طيبة ! وأنها تسلي الإنسان ولا ضرر فيها ! وغير ذلك من الضلال والانحراف !!  ونسوا بعد ذلك قول الله تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .
أما الملاهي : فحدِّث ولا حرج ، فهي تلك المجالس المليئة باللغو والباطل والكلام الذي لا فائدة فيه ، والقيل والقال ، وقد مدح الله المؤمنين بقوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ .
فجعل من صفات المؤمنين البعد عن اللغو وهي : الصفة الثانية بعد الصلاة.
 وهذه حقيقة الملتزم ! وهي : البعد عن الملاهي واللغو والمجالس الخالية من ذكر الله.