تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
حقيقة الالتزام
29484 مشاهدة print word pdf
line-top
غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ثالثًا: من صفات الملتزم والمستقيم: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر
‏         روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:    إياكم والجلوس في الطرقات، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بُدُّ؛ نتحدث فيها . فقال: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه . قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
       ولا شك أن من صفات المسلم الملتزم المستقيم التمسك بهذه الأمور، التي وردت في الحديث، فهي من صفات المسلمين عمومًا والملتزمين خصوصًا .
       وإن التهاون بهذه الأمور يضعف من تمسك الإنسان والتزامه واستقامته! فالذي يمد عينيه وينظر إلى ما نهى الله عنه ويخالف قول الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ فإن ذلك دليل على ضعف تمسكه والتزامه.
والذي لا يحفظ لسانه عما حرم الله، ولا يفكر في عاقبة كلمته ، فإنه قد يقع في مهاوي ومهالك، ويكون ذلك دليلا على ضعف تمسكه بالأخلاق والآداب الإسلامية.
والملتزم هو الذي يحفظ لسانه ، فتراه إن تكلم لا يتكلم إلا بخير، وإلا سكت، فلا تسمع منه سبابًا ولا قذفًا ولا عيبًا ولا غير ذلك.
       أما إن حذّر من منكر ، أو عاب من يستحق العيب ، أو شهَّر بإنسان يستحق التشهير، أو ذكر إنسانًا بسوء للتحذير منه ، أو ما أشبه ذلك ، فإن هذا لا غبار عليه؛ بل هو من مكملات الالتزام والاستقامة على دين الله.
       هذه جملة من الآداب والأخلاق التي جاءت الشريعة بها وحثت عليها ، والعمل بها يعتبر من مكملات الالتزام والاستقامة ، ومن أراد التوسع فيها فليرجع إلى الكتب التي ألفتَ في الآداب والأخلاق مثل: (الآداب) للبيهقي ، و(الآداب الكبرى ) لابن مفلح، وكذلك (أدب الدين والدنيا) للماوردي، وكذلك (روضة العقلاء) لابن حبان ، وغيرها من الكتب.

line-bottom