شرح كتاب النكاح من صحيح البخاري
باب: الأكفاء في المال وتزويج المقل المثرية
باب الأكفاء في المال وتزويج المقل المثرية .
قال أبو عبد الله اسم> حدثني يحيى بن بكير اسم> قال: حدثنا الليث اسم> عن عقيل اسم> عن ابن شهاب اسم> قال: أخبرني عروة اسم> أنه سأل عائشة اسم> -رضي الله تعالى عنها- عن قوله تعالى: رسم> وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى قرآن> رسم> قالت: رسم> يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها، فيرغب في جمالها ومالها ويريد أن ينتقص صداقها فنهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا في إكمال الصداق وأمروا بنكاح من سواهن قالت: واستفتى الناس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك فأنزل الله تعالى: رسم> وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قرآن> رسم> إلى رسم> وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ قرآن> رسم> فأنزل الله لهم أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال رغبوا في نكاحها ونسبها في إكمال الصداق، وإذا كانت مرغوبة عنها في قلة المال والجمال تركوها وأخذوا غيرها من النساء، قالت: فكما يتركونها حين يرغبون عنها فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها إلا أن يقسطوا لها ويعطوها حقها الأوفى من الصداق متن_ح> رسم> .
وهذا الحديث قد سبق في باب سابق، وتفسير لقول الله تعالى: رسم> وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ قرآن> رسم> ذكر أن بعض الرافضة يطعنون في القرآن ويقولون: إن الصحابة حذفوا منه كثيرا بين هذه الآية وتتمتها؛ فلذلك يقولون: ما مناسبة ذكر اليتامى مع ذكر النكاح بعده رسم> وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا قرآن> رسم> ما مناسبة النكاح للإقساط في اليتامى؟ يتهموا الصحابة بأنهم حذفوا بعد ذكر اليتامى كلاما كثيرا وآيات وأحكاما، ويدعون أن ذلك فيما يتعلق بالوصية ونحو ذلك.
والجواب: أن ذكر الإقساط في اليتامى مراد به إعطاؤهن حقهن في النكاح، ذكرت عائشة اسم> أن سبب نزول هذه الآية: أن الرجل تكون عنده اليتيمة، والتي تشاركه في ماله، كما هي كانت ابنة أخيه، مات أبوها الذي هو أخوه، وتربى الأيتام في حجر عمهم، ويريد أن يزوج هذه اليتيمة بابنه، فنهوا أن يزوجها إلا بأن يعطوها حقها، فيقول: إذا خفتم أنكم لا تعطونهن حقهن ولا تعدلوا فيهن فاعدلوا عنهن إلى غيرهن من النساء.
انكحوا ما طاب لكم من النساء غيرها، فأما كونكم تنكحونها ولا تقسطوا لها، ولا تعطوها حقها كاملا من الصداق كأمثالها، فإن ذلك ظلم منكم لهن، اعدلوا عنها وتزوجوا غيرها، هذا معنى رسم> وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا قرآن> رسم> يعني إذا خفتم أنكم لا تعطوا اليتامى صداقها كاملا؛ استضعافا منكم لها ولحقارتها أو لنقص جمالها أو لنقص مالها وتقولون: إنها ضعيفة، وإنما دخلت تحت أيدينا؛ فإن مال اليتامى حرام، قد توعد الله على أكله بوعيد شديد، والاحتيال إلى أكله ظلم كبير، يقول الشاعر:
واحتل على مال اليتيـم فـإنه | رزق هنيء من ضعيف الحـال |
لا سوطه تخشى ولا من سيفـه | والقول قولك في ذهاب الـمـال |
يقول: تقول عائشة اسم> إن الرجل قد لا تعجبه هذه اليتيمة؛ لعدم جمالها ولا يرغب في نكاحها لا هو ولا أحد أولاده، فيحجرها ويحجزها ويمنعها من الزواج، لماذا؟
يخشى أن يتزوجها أجنبي، ويشاركه في ماله ويقول: هذا مال أخي ورثته هذه اليتيمة، فإذا تزوجها هذا الأجنبي شاركني في مالي الذي هو مال أخي؛ فيحجزها ويمنعها؛ فلذلك قال الله تعالى: رسم> وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ قرآن> رسم> رسم> وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ قرآن> رسم> يعني تذكروا ما يتلى عليكم في أول السورة في يتامى النساء، اليتيمة التي تكون في حجرك رسم> وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ قرآن> رسم> يعني لا تعطوها صداقها كاملا؛ بل تعطوها جزءا يسيرا دون صداق أمثالها رسم> وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ قرآن> رسم> ترغب في نكاحها؛ لأجل أنها شريكتك في مالك، ولا تعطيها صداقها ولا تقسط لها، فإن هذا يعتبر ظلما، رسم> وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ قرآن> رسم> يعني ما يقرأ عليكم، رسم> فِي الْكِتَابِ قرآن> رسم> أي في هذه السورة وفي غيرها رسم> فِي يَتَامَى النِّسَاءِ قرآن> رسم> اللاتي تحت حجوركم، واللاتي يشاركنكم في أموالكم، فترغبون أن تنكحوهن، فإما أن تنكحوها بصداق كامل مثل أمثالها، وإما أن لا ترغموها ولا تمنعوها من أن تتزوج، ولو كان ذلك الزوج يأخذ من مالها، يعني تنتقل إليه هي ومالها الذي عندك أيها الولي لها.
ففي هذا أن اليتيمة يجب أن يراعيها ولي أمرها فلا يجوز ظلمها ولا يجوز أخذ مالها، وقد شدد الله تعالى في أموال اليتامى وبالغ في ذلك في قول الله تعالى: رسم> وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ قرآن> رسم> يعني لا تتصرفوا فيه إلا أن يكون ذلك المتصرف يتصرف بما هو أحسن، وكذلك قال تعالى: رسم> إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا قرآن> رسم> يأكلونها ظلما؛ يعني يخفون شيئا من أموالهم، فيدعي أنه، تلف أو أنه أنفقه عليه، وهو مع ذلك مؤتمن على هذا المال، لا يجوز له أن يتصرف فيه إلا بما هو أحظ له، وكذلك تزويجها إذا خطبت فإنه يفرض على الزوج مثل أمثالها من الصداق؛ حتى لا يكون ظلمها، وإذا زوجها ولده أعطاها مثل أمثالها دون نقص أو بخس، هذا مناسبة هذه الآية أولها لآخرها.
مسألة>