لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
شرح كتاب النكاح من صحيح البخاري
86429 مشاهدة print word pdf
line-top
باب: تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام

باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام، فيه سهل بن سعد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال أبو عبد الله: حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثني قيس عن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- أنه قال كنا نغزو مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس لنا نساء فقلنا يا رسول الله! ألا نستخصي فنهانا عن ذلك .


حديث سهل الذي أشار إليه البخاري يأتينا في هذا الكتاب في قصة الرجل الذي زوجه النبي -صلى الله عليه وسلم- تلك المرأة على أن يعلمها آيات من القرآن فقال: زوجتكها بما معك من القرآن .
هذا دليل على تزويج المعسر، وأن الإنسان إذا تقدم لخطبة امرأة وليس هو من الأهلية، ولا من أصحاب الأموال الطائلة فإن الأصل أنه يزوج؛ وذلك ليتحقق قول الله تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فيزوج ولو كان معسرا ويحرصون على أن يزوجوه بما يساعده، وبما تقوم به حياته ويحرص هو أيضا على أن يتكسب، ويجمع من المال الحلال ما يكون أيضا سببا في بقائه مع زوجته، ومضي الحياة الزوجية كما يرام، هذا وله دلالات أخرى مذكورة في شرح الحديث، كذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- يخبر بفضل التزويج وفضل الزواج، قد ثبت أنه أخبر بأن الله تعالى يعين المتزوجين وأن من تزوج بقصد التعفف فإن الله تعالى يعينه ويساعده، ويفتح عليه باب الرزق كما في هذا.
ذلك الرجل الذي زوجه هذه المرأة الواهبة لا بد أنه عاش معها كما يعيش غيره من الفقراء، وأن الحال بينهما صحت واستقامت؛ فكذلك الترغيب في إنكاح الفقراء ونحوهم.
في هذا الحديث ذكر فيه ابن مسعود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهاهم عن الاختصاء؛ وسبب ذلك أنهم كانوا عزابا، وكانوا فقراء لا يستطيعون النكاح لقلة ذات اليد، والعادة أن الناس لا ينكحون فقيرا، الذي ليس معه ما يتعفف به.
فيقول: إننا صحبنا النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن فقراء، ليس لنا كسب، كانوا ملازمين للنبي -صلى الله عليه وسلم- في حضره وسفره، إنما يأكلون مما يهدى له من الزكوات ومن الصدقات ومن الهدايا، وكذلك ما يتصدق عليهم به أو ما يتبرع به له أهل الأموال الذين هم من الأنصار ونحوهم، هذه كانت حالتهم، ومع ذلك شقت عليهم العزوبة حتى هموا بأن يختصوا.
ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهاهم عن ذلك؛ لأن الله تعالى سوف يفتح عليهم ويغنيهم من فضله؛ كما حصل بعد ذلك أنها كثرت الفتوحات وكثرت الغنائم وتوفرت الأموال، فتزوجوا وولد لهم أولاد فحصلت لهم خيرات؛ لم تحصل لو أنه رخص لهم في الاختصاء وما أشبه ذلك.
في تمام هذا الحديث بعض الروايات؛ أنه رخص لهم أن يتزوج أحدهم المرأة بقليل من المال، وفي ذلك دليل على تخفيف المهور، والحرص على أن يحصل للزوجين التساهل فيما بينهم، ولعله يأتينا أيضا هذا الحديث بزيادة فيه في موضوع آخر.

line-bottom