شرح كتاب النكاح من صحيح البخاري
باب: هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد
قال الإمام البخاري اسم> رحمه الله: باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد.
قال أبو عبد الله اسم> حدثنا محمد بن سلام اسم> قال: حدثنا ابن فضيل اسم> قال: حدثنا هشام اسم> عن أبيه قال: كانت خولة بنت حكيم اسم> من اللائي وهبن أنفسهن للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت عائشة اسم> -رضي الله عنها- رسم> أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل، فلما نزلت رسم> تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ قرآن> رسم> قلت: يا رسول الله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك متن_ح> رسم> . رواه أبو سعيد المؤدب اسم> ومحمد بن بشر اسم> وعبدة اسم> عن هشام اسم> عن أبيه عن عائشة اسم> يزيد بعضهم على بعض.
هكذا جاءت هذه الآية: رسم> تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ قرآن> رسم> في إباحتة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتزوج من شاء، ولكن جاءت بعدها آية في منعه أن يتزوج غير نسائه الموجودات، وهي قوله: رسم> لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ قرآن> رسم> المعنى اقتصاره على نسائه اللاتي اجتمعن عنده وهن تسع.
كان في أول الأمر تأتي امرأة وتعرض نفسها وتقول: وهبت لك نفسي، أو يأتي وليها فيقول: أريد أن أزوجك ابنتي أو أختي، يعرضها عليه، عائشة اسم> -رضي الله عنها- تغار على تلك النساء كأنها تنكر جرأة المرأة، المرأة تتجرأ وتعرض نفسها عليه وتقول: تزوجني.
وقد أنكر ذلك عليها أبوها وكذلك غيره، وقالوا: لا مانع من عرضها، ولا حرج عليها؛ وذلك لأنها تريد أن تكون زوجة لسيد الخلق، لسيد بني آدم فالتزوج به يعتبر شرفا ويعتبر فضيلة، فلا نقص عليها ولا عيب عليها إذا عرضت نفسها ووهبت نفسها له، قالت: قد وهبت لك نفسي فتزوجني، فلا مانع من ذلك، الله تعالى أباح له ذلك؛ لقوله تعالى: رسم> وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قرآن> رسم> يعني أبحنا لك هذه الزيادة على العدد رسم> قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ قرآن> رسم> أي قد حددنا لهم عددا وهو الأربع.
فلما نزلت هذه الآية رسم> تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ قرآن> رسم> تقول عائشة اسم> قلت: يا رسول الله، ما أرى ربك إلا يسارع في هواك، يعني أنه يحب لك ما تحب، أو ما ترغب، أو أباح لك هذا العدد.
قد ذكرنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن شهوانيا كما يرميه به أعداؤه، يقولون: ليس له همة ولا هوى إلا في شهوته؛ أي في النساء، وإنما تزوج هذا العدد لحكمة؛ وهي أنه أراد أن يعفهن، أو أراد أن يجبر مصيبتهن فيمن مات من أزواجهن، أو أراد بذلك أن يحملهن من العلم التي يختص بالنساء ما يؤدينه إلى الأمة؛ ولأجل ذلك ما تزوج بكرا إلا عائشة اسم> بل كل نسائه ثيبات قد طلقن أو توفي عنهن أزواجهن، فدل ذلك على أن الله أباح له هذا العدد لما فيه من المصلحة. نعم.
مسألة>