شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
طلب العلم وفضل العلماء
17563 مشاهدة print word pdf
line-top
العلماء ورثة الأنبياء وواجبهم تجاه هذا الميراث

ولا شك أن العالم بالله -تعالى- وبأسمائه وبآياته هو الذي يحصل على الفضل الكبير؛ وذلك لأنه ورث نبوة الأنبياء، أي: ما جاءوا به، كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر .
رواه أحمد وأهل السنن عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- بسند صحيح. .
العلم الذي جاءوا به هو علم الشرائع وعلم الديانات وعلم العبادات ونحوها، وهذا هو الميراث النافع، وليس الميراث النافع حطام الدنيا، إنما العلم النافع والميراث النافع هو المساهمة فيما جاء به الأنبياء عليهم السلام، وسماه ميراثا لأنهم خلفوه بعدهم وورثهم حملة العلم الذين قاموا مقامهم فاكتسبوا أجرا عظيما.
فمن الأجر الذي اكتسبوه ما ورد في فضلهم فيما يبذلونه في طلب العلم، ففي حديث أبي الدرداء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر، ولَعالمٌ واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ؛ وذلك لأن العُبَّاد وإن كثروا يقدر الشيطان أن يشككهم وأن يضلهم وأن يغويهم، وأما العالم بالله وبأسمائه وبآياته فإن الشيطان لا يتمكن من إغوائه ولا من إيقاعه في المتاهات والضلالات؛ لكونه على نور وبصيرة، وعلى معرفة بالشبهات التي يوسوس بها الشيطان في صدور كثير من الناس.
فإذا عرفنا أن العلماء هم ورثة الأنبياء فإنه ينبغي لهم أن يعزوا أنفسهم، وألا يجلسوا مجالس الذل، ولا يزاحموا غيرهم فيما هو نقص عليهم وضلال وحط من معنوياتهم؛ فقد أخبر الله -تعالى- بأنه يرفعهم رفعا حسيًّا ورفعا معنويًّا، يقول الله تعالى: إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ لم يقيد أهل العلم كما قيد المؤمنين بقوله: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وقال: وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أي: منكم ومن غيركم يرفعهم درجات.
وهذا الرفع قد يكون في الدنيا، وذلك بما يكتسبونه من الشرف ومن الفضل، حيث إن العامل يكون له المنزلة في قلوب الناس، ويكون له قدر وحرمة فيما بينهم، وتقبل لما يلقيه ودعاء له ورفع لمعنوياته، وإن كان مأمورا بأن يكون متواضعا لله ومتواضعا لعباد الله غير معتز بنفسه ولا مفتخر بما حصل عليه؛ حتى يكون ذلك أدعى إلى تقبل ما يقوله.
وأما الرفع في الآخرة فهـو رفع حسي، وهو أن الله -تعالى- يرفع درجاته في درجات الجنة؛ حيث أن أهل العلم العاملين به يراهم غيرهم كالنجم الغابر في الأفق، أي: يرى بعضهم مثلما يرى في الدنيا الكوكب الغابر في الأفق؛ لتفاوت ما بينهم، فهذا معنى قوله: وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ أي: يرفع الذين أوتوا العلم درجات، وكفى بذلك شرفا في حثك أن تكون من أهل العلم.

line-bottom