طلب العلم وفضل العلماء
العلماء ورثة الأنبياء وواجبهم تجاه هذا الميراث
ولا شك أن العالم بالله -تعالى- وبأسمائه وبآياته هو الذي يحصل على الفضل الكبير؛ وذلك لأنه ورث نبوة الأنبياء، أي: ما جاءوا به، كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: رسم> العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر متن_ح> رسم> .
رواه أحمد وأهل السنن عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- بسند صحيح. حديث> .
العلم الذي جاءوا به هو علم الشرائع وعلم الديانات وعلم العبادات ونحوها، وهذا هو الميراث النافع، وليس الميراث النافع حطام الدنيا، إنما العلم النافع والميراث النافع هو المساهمة فيما جاء به الأنبياء عليهم السلام، وسماه ميراثا لأنهم خلفوه بعدهم وورثهم حملة العلم الذين قاموا مقامهم فاكتسبوا أجرا عظيما.
فمن الأجر الذي اكتسبوه ما ورد في فضلهم فيما يبذلونه في طلب العلم، ففي حديث أبي الدرداء اسم> أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر، ولَعالمٌ واحد أشد على الشيطان من ألف عابد متن_ح> رسم> ؛ وذلك لأن العُبَّاد وإن كثروا يقدر الشيطان أن يشككهم وأن يضلهم وأن يغويهم، وأما العالم بالله وبأسمائه وبآياته فإن الشيطان لا يتمكن من إغوائه ولا من إيقاعه في المتاهات والضلالات؛ لكونه على نور وبصيرة، وعلى معرفة بالشبهات التي يوسوس بها الشيطان في صدور كثير من الناس.
فإذا عرفنا أن العلماء هم ورثة الأنبياء رأس> فإنه ينبغي لهم أن يعزوا أنفسهم، وألا يجلسوا مجالس الذل، ولا يزاحموا غيرهم فيما هو نقص عليهم وضلال وحط من معنوياتهم؛ فقد أخبر الله -تعالى- بأنه يرفعهم رفعا حسيًّا ورفعا معنويًّا، يقول الله تعالى: رسم> إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ قرآن> رسم> لم يقيد أهل العلم كما قيد المؤمنين بقوله: رسم> يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ قرآن> رسم> وقال: رسم> وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قرآن> رسم> أي: منكم ومن غيركم يرفعهم درجات.
وهذا الرفع قد يكون في الدنيا، وذلك بما يكتسبونه من الشرف ومن الفضل، حيث إن العامل يكون له المنزلة في قلوب الناس، ويكون له قدر وحرمة فيما بينهم، وتقبل لما يلقيه ودعاء له ورفع لمعنوياته، وإن كان مأمورا بأن يكون متواضعا لله ومتواضعا لعباد الله غير معتز بنفسه ولا مفتخر بما حصل عليه؛ حتى يكون ذلك أدعى إلى تقبل ما يقوله.
وأما الرفع في الآخرة فهـو رفع حسي، وهو أن الله -تعالى- يرفع درجاته في درجات الجنة؛ حيث أن أهل العلم العاملين به يراهم غيرهم كالنجم الغابر في الأفق، أي: يرى بعضهم مثلما يرى في الدنيا الكوكب الغابر في الأفق؛ لتفاوت ما بينهم، فهذا معنى قوله: رسم> وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ قرآن> رسم> أي: يرفع الذين أوتوا العلم درجات، وكفى بذلك شرفا في حثك أن تكون من أهل العلم.
مسألة>