إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
فتاوى في التوحيد
32248 مشاهدة
التوفيق بين الطب وقوله: ويعلم ما في الأرحام

س16: الطب الحديث أصبح يعرف ما في بطن الأم، فكيف الجواب عن قوله: وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ؟
الجواب: لا شك أن البشر لا يعلمون ما في رحم المرأة من ذكر أو أنثى، أو أبيض أو أسود، أو قصير أو طويل، أي بمجرد النظر والخرص، وذلك لأن الله -تعالى- أخفى ذلك واختص به، وعده النبي -صلى الله عليه وسلم- من مفاتح الغيب التي لا يعلمها أحد غير الله -تعالى- وذلك لأن الجنين في الرحم قد جعل وجهه إلى ظهر أمه، وقد انتصبت رجلاه وانضمت فخذاه حتى استتر قبله، فلذلك لا يتمكن أحد من معرفة ما في الرحم بمجرد نظره
وما ذكره بعض الأطباء من أن هناك علامات في حلمة الثدي الأيمن للذكر أو الثدي الأيسر للأنثى ليس بمطرد، ولم يعرف صدق ذلك.
فأما حصول معرفة ذلك بواسطة الأشعة أو التحليلات التي جدت في الطب الحديث، فهذه لا تدخل في علم الغيب، فإن ذلك يتوقف على أعمال وتجارب ومقدمات يعملها الطبيب حتى يتوصل إلى معرفة ذلك، فهو بمنزلة شق بطن المرأة والكشف عن معرفة جنينها، فيظهر بذلك نوعه أذكر أم أنثى، واحد أو عدد.
وإنما الذي نفى النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: في خمس لا يعلمهن إلا الله ثم قرأ قوله -تعالى- إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ الآية -هو إدراك هذه الأمور الغيبية بالعقل والفكر، فإن هذا من علم الغيب، وقد قال -تعالى- قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وقال -تعالى- لنبيه: وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ فعلى العباد الرضا والتسليم لأمر الله -تعالى- وعدم التدخل فيما لا يعنيهم. والله أعلم.