شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
فتاوى في التوحيد
38797 مشاهدة print word pdf
line-top
احتجاج المذنب بقوله: لو لم تذنبوا ...

س34: بعض المصرين على الذنوب يحتجون بحديث: لو لم تذنبوا، لأتى الله بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر الله لهم .
الجواب: هذا فعل المخدوعين البعيدين عن الله -تعالى- وعن أحكامه وشريعته؛ حيث سول لهم الشيطان وأملى لهم، ودعاهم إلى الاقتراف والاكتساب للسيئات والإصرار عليها، ومناهم التوبة والرجوع بعد ذلك، ولقد كثر المسرفون في الذنوب وفعل المعاصي وتنوعت أعذارهم، فمنهم من يسوف بالتوبة، ويعد نفسه بها عند المشيب، فيحال بينه وبين ما تمناه، ويقطع عليه أمله.
ومنهم من يتعلق بالرجاء وسعة الرحمة، وينسى أن الله -تعالى- شديد العقاب، وإن الإصرار على الذنب مع معرفة تحريمه يسبب عظم العقوبة عليه، ومنهم من ينخدع بكثرة الهالكين والمذنبين وينضم إليهم، وكأنه يستبعد أن يكونوا على ضلالة مع ما لهم من الفكر والعقل والنظر.
ولا شك أن الإكثار من الذنوب والإكباب عليها يقسي القلب ويصده عن الذكر والطاعة، والغالب أن العصاة مثل هؤلاء لا يوفقون للتوبة، وأنه يختم لهم بخاتمة سيئة، حيث تصبح تلك المعاصي أمنيتهم وديدنهم، وتتحكم في اختيارهم، فلا يستطيعون التخلص منها.
وأما الحديث المذكور فهو حديث صحيح ثابت، ولكنه فيمن يعمل السوء بجهالة، ثم يستغفر في حينه وهم المذكورون في قوله: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ وفي قوله -تعالى- وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ وهؤلاء مصرون متهاونون، نعوذ بالله من الخذلان. والله أعلم.

line-bottom