محاضرات عن طلب العلم وفضل العلماء
تعلم العلم الشرعي فريضة على كل مسلم
تعلم العلم الشرعي فريضة، منه ما هو فرض كفاية، ومنه ما هو فرض عين، فقول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> طلب العلم فريضة على كل مسلم متن_ح> رسم> المراد: تعلم الشيء الذي يلزم المسلم عمله، لا بد أن يتعلمه لأنه مأمور بأن يعمل، والعمل لا بد أن يسبقه علم حتى يعمل على بصيرة، لأنه إذا عمل على غير علم فيكون ضرره أكثر من نفعه لأنه قد يقع في مخالفة أو في بدعة أو ما أشبه ذلك.
فهكذا أيها الإخوة نهتم بهذا العلم ونقدمه قبل العمل حتى نعمل على بصيرة، قال الله تعالى: رسم> قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ قرآن> رسم> أي على علم وعلى برهان وعلى نور ويقين، لا على جهل وضلال.
هناك من العلوم ما طلبه وتعلمه من فروض الكفايات، وهي التي لا يحتاج إليها إلا بعض الناس لا الكل، فإن من أراد الحج فرض عليه أن يتعلم مناسك الحج، أما من كان عاجزا فلا يلزمه، من كان عنده مال زكوي فرض عليه أن يتعلم كيف يزكي ماله وكيف تكون الزكاة فيه، ومن ليس عنده مال زكوي فليس عليه أن يتعلم ذلك، وهكذا تعلم ما يتعلق بالمعاملات؛ شروط المبايعة وشروط البيع والشراء والتجارات وما أشبهها لا تلزم إلا من هو مشتغل بالتجارات وما أشبهها.
وبعد أن عرفنا هذه الأدلة نقول: إن الذين يبذلون جهدا في هذا التعليم لهم خير وأجر كبير، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنهم على خير في قوله: رسم> من يرد الله به خيرا يفقه في الدين متن_ح> رسم> ( من يرد الله به خيرا ) أي صلاحا واستقامة ونورا وبرهانا وعلما نافعا وعملا صالحا وسعادة عاجلة وآجلة ( يفقه في الدين ) والفقه هو الفهم في الشريعة والفهم عن الله تعالى وعن رسوله من أنزله ومن شرعه.
ولذلك دعا لابن عباس اسم> بقوله: رسم> اللهم فقه في الدين متن_ح> رسم> وفي رواية: رسم> وعلمه التأويل متن_ح> رسم> فيدعى لمن يراد صلاحه بهذا يقال: فقهك الله في دينه، علمك الله ما ينفعك.
يدعو المسلم أيضا بأن يزيده الله تعالى من العلم النافع؛ كما أمر الله نبيه بذلك، قال الله تعالى: رسم> وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا قرآن> رسم> هكذا أمر الله نبيه، والأمر عام لكل مسلم يدعو ربه بأن يزيده الله تعالى علما نافعا.
وإذا عرفنا أهمية طلب العلم، فنقول: إن وسائل العلم كثيرة؛ وسائل تعلمه، وقد كان طلب العلم قبل خمسين أو ستين سنة في غاية من الصعوبة، مثل هذه المناطق قبل خمسين أو ستين سنة لا يصلها العالم أو المعلم إلا بعد لَأْي وبعد شدة وبعد تكلف ومشقة.
فكانوا الذين يهتمون بطلب العلم من هذه المناطق وغيرها يسافرون لطلب العلم، يسلكون طرقا كثيرة صعبة ويقطعون مسافات طويلة إلى أن يحصلوا على ما يسر الله وفتح عليهم من العلوم النافعة المفيدة.
وكان كثير من أهل القرى النائية يغيبون عن أهليهم سنة أو سنوات يقرءون ويتعلمون، يتعلمون القرآن ويتعلمون السنة ويتعلمون الأحاديث النبوية والعمل بها وما أشبه ذلك؛ فكانوا ينقطعون في المدن كمكة اسم> والمدينة اسم> والرياض اسم> والطائف اسم> وغيرها من المدن التي يوجد فيها ويتواجد فيها أهل علم نافع، وكان كثير منهم يقعون في شباك بعض المبتدعة الذين يوقعونهم في بدع؛ في بدع القبوريين، وفي بدع المتصوفة، وفي بدع الأشعرية، والمعتقدات الفاسدة وما أشبه ذلك، ولكن الجاهل لا يعلم أن هذا بدعة ولا أن هذا منكر فيتعلم.
أما في هذه الأزمنة فقد يسر الله تعالى وسائل تعين طالب العلم، تعين قاصد الخير على تحصيل العلم بدون كلفة وبدون مشقة، فإن الوسائل قد تعددت.
مسألة>