إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
محاضرة الإيمان باليوم الآخر
9868 مشاهدة
الله تعالى بصير

كذلك الإيمان بأنه سبحانه بصير يرى عباده، ولا يخفى عليه منهم خافية، قال الله تعالى: الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ وقال تعالى: إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ويقول تعالى: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ؛ أي نراك ونعلم حالتك بأعيننا. ويقول تعالى: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ؛ أي تجري السفينة بأعيننا؛ أي أمام أعيننا.
كل ذلك لا شك أنه إثبات لصفة الرؤية والبصر، أن ربنا سبحانه يرى عباده ولا يخفى عليه شيء من أعمالهم، ولا يخفون عليه ولو تستروا ولو استخفوا. يقول الله تعالى: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ؛ يعني مشاهدين لكم عندما تفيضون في هذه الأمور وتعملونها إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ .
لا شك أن هذا دليل على أن الله سبحانه وتعالى بصير بعباده، يراهم ويطلع عليهم. من آمن بأن الله تعالى يراه ظهر أثر ذلك عليه. في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت ؛ يعني يراك ويطلع عليك ويعلم أحوالك ولا يخفى عليه منك خافية؛ فمن كان يؤمن حقا بأنه بمرأى ومسمع من الله تعالى؛ فإنه بلا شك سوف ينزجر عن المحرمات، ويبتعد عن الآثام ويحمي نفسه عن الشرور، ويتوقف عن الكلام السيئ وعن الأعمال السيئة.
هكذا يكون أثر من استحضر أن الله يراه، وهذا من الإيمان بالغيب. ذكر ابن رجب في بعض كتبه، يقول: راود رجل امرأة على نفسها في ليلة مظلمة؛ فقال: ما يرانا إلا الكواكب؛ فقالت: فأين مكوكبها؟ يعني أين الله الذي خلقها؟ لا شك أن هذا من الزواجر؛ لما ذكرت ذلك ارتعد وترك الزنا.
وكذلك أيضا ذكر أن رجلا خلا بامرأة في بيت وأراد أن يفجر بها، فأمرها فأغلقت الأبواب، ولما أغلقتها قالت: بقي باب واحد. ما هو؟ الذي بيننا وبين الله؛ فارتعد عند ذلك وتركها. وهكذا تكون المواعظ في استحضار عظمة الله تعالى.
وتذكرون أيضا قصة الثلاثة الذين انطبقت عليهم صخرة، أحدهم توسل بعفته، وهو أنه لما خلي بتلك المرأة وتمكن منها، وأراد أن يفجر بها ذكرته وقالت: لا تفض الخاتم إلا بحقه؛ فعند ذلك ارتعد وتركها. هذا أثر من آثار الإيمان برؤية الله سبحانه وتعالى، وإن كان ذلك من الغيب؛ يعني قد يقول القائل: إنني لا أرى شيئا؛ فنقول: تذكر أنك بمرأى وبمسمع من الله تعالى لعل ذلك أن يزجرك عن هذه الأفعال السيئة التي تعلم أن الله تعالى حرمها.