اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
محاضرة الإيمان باليوم الآخر
9865 مشاهدة
الإيمان بالرسل

كذلك أيضا من الإيمان بالغيب الإيمان بالرسل، الإيمان برسل الله الذين وصفهم الله تعالى بأنه أرسلهم الله إلى الأمم السابقة، هذا أيضا من الإيمان بالغيب نحن ما أدركناهم؛ ولكن قص الله تعالى علينا خبرهم، وقص النبي صلى الله عليه وسلم علينا أخبارهم؛ فنصدق بذلك ونعلم بأنهم صادقون مصدوقون رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ الإيمان بالغيب في حقهم الإيمان والتصديق بأنهم قد بلغوا ما أرسل إليهم، وبأنهم أدوا الرسالة كما أمروا بها، ويكون أيضا من نتيجة ذلك كثرة الأعمال الصالحة.
إذا علمنا بأن الرسل كلهم جاءوا بدين واحد، وهو عبادة الله تعالى أولهم وآخرهم، وآمنا بأن الله أرسل نوحا وأرسل هودا وأرسل صالحا إلى آخرهم، وأنهم كلهم قالوا لقومهم: اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ -حملنا ذلك على أن نكون مثل ما دعوا إليه، أن نعبد الله وحده وألا نشرك به شيئا.