اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
محاضرة الإيمان باليوم الآخر
11538 مشاهدة
الإيمان بالكتب المنزلة

من الإيمان بالله تعالى ومن الإيمان بالغيب؛ الإيمان بالكتب المنزلة وإن منها هذا القرآن الذي نقرؤه والذي حفظه الله علينا. من الإيمان بالغيب الإيمان بأنه كلام الله وأنه تكلم به حقا وإن كنا لم نر ذلك ولم نسمعه. نؤمن بأنه كلام الله، وأن الله تعالى تكلم به حقيقة. كذلك أيضا أنه سبحانه كلف عباده بما فيه؛ أي بما أمرهم به وبما نهاهم عنه، لا شك أن ذلك كله داخل في الإيمان بالغيب.
وإذا كان كذلك فإن علينا أن نعمل بما جاء فيه من الإرشادات والأحكام والأحوال والمواعظ وما أشبهها. من آمن بأنه كلام الله وأيقن بذلك وهو من الإيمان بالغيب؛ فإنه يتلوه حق تلاوته يحل حلاله ويحرم حرامه، ويعمل بمحكمه ويؤمن بمتشابهه، ويعتبر بأمثاله ويصدق أخباره ويتلوه حق تلاوته، ويتدبره حق تدبره. هذا أثر من آثار الإيمان بالغيب؛ فإن كلام الله تعالى حق وصدق، والإيمان به إيمان بالغيب.