إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن رمضان
19317 مشاهدة print word pdf
line-top
ما يستحب فعله في العشر الأواخر من رمضان

... برنامج أسبوعي من إعداد وتقديم الدكتور عبد الغفار حامد هلال كما يسرنا -أيضا- أن يكون لقاؤنا مع فضيلة شيخنا الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين نرجو الله -جل وعلا- أن ينفعنا -إن شاء الله- بما نسمع وبما يقوله شيخنا، والموضوع الذي سوف يطرقه فضيلة الشيخ هو عن فضل العشر الأواخر من رمضان، وفضل ليلة القدر، وما قيل في تحديدها، وفضل قيامها.
وخير ما نبدأ به تلاوة آيات من الذكر الحكيم؛ يتلوها الأخ عبد المحسن الشيخ .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا .
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. نحن في زمن شريف؛ أيام وليال عظيمة القدر، شريفة فاضلة؛ من فضلها مضاعفة الأعمال فيها، ومن فضلها تكفيرٌ للخطايا، وغفران الذنوب بالعمل الصالح الذي يُتقرب به فيها.
وهناك بعض الفضائل وبعض الأحكام.
فأما الفضائل فكثيرة؛ يطول بنا إن ذكرنا شيئا من فضل هذا الشهر، وفضل هذه العشر، وفضل هذه الأيام، وفضل القيام، وفضل الصيام، وفضل التلاوة، ونحو ذلك، وذلك كله متقرر ومعلوم بحمد الله، ولكن نتيجة هذه الفضائل؛ نتيجة العلم بها أن نرى كثرة العاملين.
فإذا علمنا أن هذا الشهر هو أفضل الشهور؛ كانت نتيجة ذلك أن نجتهد في الاغتنام لفضله، وإذا علمنا أن هذه الأيام العشر هي أفضل أيامه وأفضل لياليه؛ كانت نتيجة ذلك أن نكثر الاجتهاد فيها، وأن نبخل بها غاية البخل؛ فلا نضيع منها وقتا في غير منفعة؛ هذه نتيجة العلم، فإن ثمرة المعرفة هي العمل.
ونحب أن نذكر شيئا من الأحكام؛ فنقول:
أولا: هذه العشر يستحب فيها خمسة أشياء:
الأول: إحياؤها كلها.
والثاني: زيادة الاجتهاد فيها بالأعمال الأخرى.
والثالث: إظهار النشاط فيها والقوة.
والرابع: اعتزال الشهوات والملذات فيها.
والخامس: الاعتكاف فيها.
هذه متأكدة في هذه الأيام؛ فأما الخصلة الأولى وهي القيام؛ الدليل فيها فعل النبي عليه الصلاة والسلام.
ثبت في الصحيح؛ عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر أحيا ليله، وأيقظ أهله، وجد، وشد المئزر.
وكذلك روي عنها أنها قالت: كان في العشرين من رمضان يخلط العشرين بصلاة ونوم؛ فإذا كان في العشر لم يذق غمضا؛ يعني: في ليالي العشر لا يذوق غمضا؛ بل يبيت ليله كله دون نوم.
وفي حديث آخر أنه إذا دخل العشر طوى فراشه؛ يعني فراش النوم، وفي حديث آخر تأكيد الإحياء؛ قولها: أحيا ليله، ونحب أن نذكر أقسام الناس في إحياء هذه الليالي.

line-bottom