جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
محاضرة فضل القرآن الكريم
10932 مشاهدة
وجوب الإيمان بالقرآن وكيفية تحقيقه

كذلك -أيضا- نعرف أنه -سبحانه وتعالى- أمر عباده بأن يؤمنوا به؛ أن يؤمنوا به كما يصدقون بأنه كلام الله تعالى. فمن شك فيه فإنه قد وقع فيما يخالف عقيدته، فالله تعالى نفى عنه الشك والريب .أنزل في أول القرآن قوله تعالى: ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ؛ أي ليس فيه شك ولا يتطرق إليه شك، فالذين يؤمنون به هم الذين يتبعونه.
أمرنا بأن نؤمن به. قال الله تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا يعني هذا القرآن سماه نورا؛ وذلك لأنه يستضاء به. من كان يسير على ضوئه فإنه لا يضل؛ بل يكون على هدى. وأما من أعرض عنه؛ فإنه يتخبط في الظلام، فسماه نورا وأمرنا أن نؤمن به.
كيف نؤمن به؟ نصدق بأنه كلام الله، ونصدق بأنه المعجزة التي أعجزت البشر في العهد النبوي، ونصدق بأن تلاوته حق، ونقرأه ونعمل بما فيه، ونجعل ذلك عملا صالحا نرجو من الله الثواب عليه؛ إذا كان كذلك فإننا نكون ممن آمن به.
فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- الإيمان بقوله: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر ؛ فالإيمان بكتبه ومنها هذا القرآن؛ الإيمان بأنها من الله، وأنها كلامه، وأن الله أنزلها على عباده؛ ليعملوا بما فيها، وليتبعوها وأنها هي الهدى، وأن من اتبعها فهو على الصراط السوي.
وفسر الصراط المستقيم بأنه القرآن؛ في قوله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ؛ أنه القرآن والسنة التي بين النبي -صلى الله عليه وسلم- بها معاني القرآن، فالقرآن هو الصراط وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ الصراط هنا هو بيان النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بأن نتبعه وأن نسير على نهجه.