محاضرة فضل القرآن الكريم
ثواب متبع القرآن وعقاب المعرض عنه
وعد الله من اتبعه بالثواب، وتوعد من تركه بالعقاب. يقول الله تعالى: رسم> فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى قرآن> رسم> الهدى هنا هو القرآن- وبيان النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ من اتبعه فلا يضل ولا يشقى. وفي آية أخرى: رسم> فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ قرآن> رسم> .
أي من سار على نهجه وعمل به؛ فلا يخاف ولا يحزن ولا يضل ولا يشقى؛ وذلك لأنه يعمل على دليل، لأنه يسير على نهج سوي، لأنه يعمل بالبيان، لأنه يعمل بالنور؛ فلا يضل ولا يتيه ولا يشقى ولا يحزن ولا يخاف؛ لأنه إذا كان يعمل بكتاب الله سبحانه وبسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
ثم قال: رسم> وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قرآن> رسم> ذكر الله تعالى هو دينه وهو كتابه؛ سماه الله تعالى ذكرا في قوله تعالى: رسم> إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ قرآن> رسم> ؛ وذلك لأنه يحصل به تذكر الله ، يحصل به ذكر الله سبحانه وتعالى؛ فهو الذكر الحكيم. فمن أعرض عنه فإنه مهدد رسم> وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قرآن> رسم> .
يبتلى في الدنيا بالهموم والغموم، وفي الآخرة يحشره الله أعمى وقد كان بصيرا - إذا أنه على أنه تعامى عليها -. جاءه ذكر الله تعالى فأعرض عنه فيقول: يا رب رسم> لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قرآن> رسم> قد كنت في الدنيا بصيرا؛ فيقول الله: رسم> كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا قرآن> رسم> أتاك كلامي، وأتاك القرآن، وأتاك الرسول يبينه لك؛ فنسيتها. نسيت كلام الله، وأعرضت عنه، واشتغلت بغيره؛ رسم> وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى قرآن> رسم> فهذا جزاء من اتبعه وجزاء من أعرض عنه.
ولا شك أن هذا القرآن هو الذي فيه الهدى وفيه البيان. في الحديث الذي يروى عن علي اسم> فيه أنه ذكر الفتنة فقال: ما المخرج منها؟ قال: رسم> كتاب الله. فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل. من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره متن_ح> رسم> أضله الله: رسم> هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تنتقص فيه الألسن، ولا تشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه وهو الذي لم ينته الجن إذ سمعته أن قالوا: رسم> إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا قرآن> رسم> من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم متن_ح> رسم> هكذا روي في هذا الحديث.
وهذه الأوصاف لا شك أنها وصف للقرآن؛ فإن فيه الأخبار الماضية. قص الله تعالى فيه الأخبار السابقة؛ قصة نوح اسم> وهود اسم> وصالح اسم> ولوط اسم> وشعيب اسم> وإبراهيم اسم> وموسى اسم> وعيسى اسم> وسائر النبيين الذين ذكر الله تعالى أخبارهم في القرآن؛ فأخبر بما فيه.
وكذلك أخبر بما هو مستقبل مما سيأتي في مستقبلنا. وكذلك أخبر بما يكون في الدار الآخرة. أخبر بما يكون بعد الموت، وما يكون بعد البعث، وما يكون من الجزاء في الآخرة؛ كل ذلك محتو عليه هذا القرآن.
كذلك أيضا هو إليه يتحاكم المتحاكمون إذا اختلفوا؛ فإن عليهم أن يردوا حكم ما فيه إلى الله. قال الله تعالى: رسم> فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ قرآن> رسم> الرد إلى الله تعالى هو الرد إلى القرآن؛ وذلك لأنه حكم الله تعالى وكتابه. والرد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته هو الرد إلى سنته، مع أن سنته تفسر القرآن وتبينه. لا شك أن ذلك دليل على أهمية هذا القرآن الذي أنزله الله تعالى بيانا وهدى وموعظة للمتقين.
كذلك وصف بأن فيه حكم ما بينكم، وأنه الفصل، وأنه الذكر الحكيم في قوله تعالى فيما وصف به هذا القرآن: رسم> مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ قرآن> رسم> فيه آيات بينات، وفيه أيضا ذكر حكيم فسماه الله تعالى بالذكر؛ وذلك لأنه هدى وفصل ليس بالهزل. فمن أعرض عنه فإنه- ولو كان ما كان فلا بد أن الله تعالى - يعاقبه في دنياه قبل أخراه.
رسم> من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره متن_ح> رسم> وطلب الهدى لغيره؛ كالذين يتحاكمون إلى الطواغيت، أو الذين يتحاكمون إلى العادات، أو الذين يتحاكمون إلى القوانين الوضعية رسم> من ابتغى الهدى من غيره أضله الله متن_ح> رسم> ومن حكم بغيره حكم بغير هدى، بل حكم بضلال.
لا شك- عباد الله- أن هذا كله دليل على أهمية هذا القرآن؛ فعلينا أن نهتم به.
مسألة>