إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
محاضرة فضل القرآن الكريم
13338 مشاهدة print word pdf
line-top
واجبنا نحو القرآن الكريم

وبعد أن عرفنا أهمية هذا القرآن؛ فنعود فنقول: ما واجبنا؟. ما الواجب علينا؟ الواجب علينا أن نقرأه، وأن نهتم بقراءته؛ وذلك لأنه أنزل ليقرأ، وأنزل ليعمل به. أنزله الله ليعمل به البشر ويتبعوا إرشاداته، وأمرهم بأن يسيروا على نهجه، ويتبعوا ما فيه من الهدى والبيان.
هكذا أمرهم، وأمر كذلك أيضا النبي- صلى الله عليه وسلم-. قال الله تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ ؛ اتله يعني اتبعه واقرأه. وقال تعالى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ؛ فعلينا أن نتلوه حق تلاوته. وهكذا -أيضا- علينا أن نتدبره، وعلينا أن نتعقله. قال الله تعالى: لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ التدبر التفهم؛ أي تفهموه وتدبروه وتعلموا ما فيه؛ فإن ذلك هو الواجب عليكم؛ حتى تعملوا على بصيرة، وحتى تفهموا ما أنزل إليكم.
ويقول الله تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ؛ أي لماذا لا يتدبرون القرآن؟ لماذا لا يتعقلونه؟ لماذا لا يتفهمونه؟ أليس هو كلام الله؟. لو تدبروه لعرفوا عظمته وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ولكنه من عند الله؛ فلذلك هو محكم ليس فيه اختلاف، وليس فيه اضطراب؛ لأنه كلام الله.
تدبره، تفهمه وتعقله وتعلم معانيه؛ كما كان الصحابة- رضي الله عنهم- يفعلون ذلك. يقول: عبد الله بن حبيب الثقفي -رحمه الله- حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها. يقول: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا.
كانوا يتعلمون ألفاظه ويتعلمون معانيه، يتعلمون تطبيقه. وهكذا يجب علينا أن نتعلم ألفاظه، وأن نحرص على أن نفهمه ونقرأه. وقد وفق الله تعالى علماء الأمة؛ ففسروه وبينوا- مثلا- دلالاته. فسروه بعدة تفاسير، لو عدت لبلغت المئات والألوف من التفاسير، ومع ذلك فإنها تدور حول معنى واحد.
كل يحب أن يكون له تفسير، وأن يأتي بشيء غريب، ولكن لن يأتي أحد بشيء مستغرب؛ فالقرآن حيثما فسر فإنه كلام الله تعالى. نرجع إلى كتب التفسير التي توضح معاني كلام الله تعالى ونتعقلها ونتدبرها؛ حتى نفهم كلام الله فهما صحيحا يقينيا نزداد به تعظيما للقرآن واحتراما له ومحبة له.
كذلك أيضا نتلوه حق تلاوته؛ كما أمرنا الله تعالى في قوله: يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ؛ أي نقرأه ونكثر من قراءته؛ وذلك لأن في قراءته أجرا كبير. ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من قرأ حرفا من القرآن فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف ؛ أي من قرأ هذه: الم فله ثلاثون حسنة؛ فكيف بمن- إذا- قرأ القرآن كله وأكثر من قراءته.
لقد كان كثير من السلف يجعلون القرآن دائما جليسهم وأنيسهم ولا يملون من قراءته ولا يتركونه؛ بل هو دائما معهم. إذا كانوا يحفظونه في صدورهم؛ فإنهم يتلونه حق تلاوته، ليلهم ونهارهم لا يغفلون عنه. وإذا لم يحفظوه استصحبوا معهم المصاحف يقرءون فيها ويتدبرون ما فيها من كلام الله تعالى، ويرجون بذلك الأجر الكثير والثواب العظيم.
وقد وفق الله تعالى في هذه الأزمنة دولتنا- أيدها الله تعالى- ومليكنا- حفظه الله- ووفقه لنشر هذه المصاحف. فالمجمع- الذي هو مجمع القرآن بـ المدينة المنورة والذي تبرع بالنفقة فيه الملك وفقه الله وحفظه- يصدر مئات الألوف يوميا، وتفرق في كثير من البلاد. امتلأت المساجد- والحمد لله- كما تشاهدون من هذه المصاحف وكثرتها.
لقد أدركنا قبل ستين سنة أنها قليلة. المصاحف في المساجد لا توجد إلا قليلة، لا يطبع في هذه المملكة إلا شيء قليل، يستورد الباقي من الهند ومن تركيا ومن مصر ومن غيرها ولا يأتي إلا قلة. وأما في هذه الأزمنة فقد أصبحت متوفرة- والحمد لله-. ما بينك وبين أن تقرأ إلا أن تجعل لك وقتا تجلس فيه وتقرأ ما تيسر لك من القرآن، وتزداد بذلك أجرا وتستفيد وتتعلم كتاب الله تعالى.
وكذلك أيضا ما وفق الله تعالى به الدولة- أيدها الله- من فتح المدارس التي تعلم فيها الصغار- والكبار والرجال والنساء- القراءة والكتابة ونحوها. لقد كنا قبل ستين سنة- أو نحوها- لا يقرأ ولا يحسن أن يقرأ إلا القلة القليلة. تأتي إلى المسجد ولا تسمع فيه أحدا يقرأ إلا واحدا أو اثنين، البقية أميون لا يعرفون القراءة ولا يعرفون الكتابة ولا يحسنون القراءة. الذي يهتم منهم يتعلم سورة الفاتحة والمعوذتين وسورتي الإخلاص وقصار السور؛ يتعلمها من الإمام. إذا سمع الإمام يقرأها فإنه يتعلم.
أما الآن فلا تجد إلا النادر الذي بقي على أميته. الذي بقي لم يتعلم ولم يقرأ ولم يكتب واحد في الألف أو واحد في المائة. نجد كثيرا في المدن، أما البقية في القرى فإنهم- والحمد لله- قد صاروا يكتبون ويقرءون القرآن ويقرءون الكتب، ويعرفون كيف يقرءون.
فإذا كان كذلك فلا عذر لأحد في أن يترك قراءة القرآن لا عذر له في أن يعرض عنه مخافة أن يتوعد من هذا الوعيد الذي ذكره الله في قوله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وفي قوله تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى والآيات التي فيها ذم الذين يعرضون عنه ويهجرونه، قال الله تعالى: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَب إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ؛ وذلك لأنه لما أنزل عليه كانوا يستهزئون به؛ حتى قال الله عنهم: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ .
ولا شك أنه ذم لمن يعمل هكذا، لمن هجر القرآن. الهجران يعم الذي يعرض عنه ولا يتعلمه ولا يعمل به؛ فإنه يعتبر قد هجر القرآن. ويعم الذي يقرأه ولكن لا يطبقه ولا يعمل بما فيه، يعتبر من الذين هجروا القرآن ولم يهتموا بقراءته.
كذلك -أيضا- مما وفق الله تعالى الإخوة المسلمين في هذه المملكة فتح المدارس الخيرية التي يتعلم فيها الأولاد، والتي يحفظون فيها القرآن، ويحفظون ألفاظه ويتعلمون منه. لا شك أن هذه -أيضا- نعمة عظيمة. يقل مدينة أو بلدة إلا وتجد فيها مدارس خيرية لتحفيظ القرآن. إذا وفق الله تعالى أهل البلد؛ أسسوا في هذه المساجد مدارس، سيما في هذه الأوقات التي هي أوقات الإجازات.
فالأولاد الذين في سن السابعة والثامنة- إلى العاشرة إلى السادسة عشر إلى العشرين- ليس لهم شغل؛ وذلك لأنهم قد حصلت لهم هذه الإجازة، فلا بد أنهم يشغلون أوقاتهم بشيء ينفعهم، ألا وهو كتاب الله؛ تعلمه وتعليمه وقراءته وتفهمه. وكذلك الحرص على حفظه. الحرص على استظهاره أو حفظ ما تيسر منه فإن هذا نعمة كثيرة.
نقول: عليكم أيها الإخوة بأن تتعاونوا مع إخوانكم الذين يقومون على هذه المدارس الخيرية لتحفيظ القرآن. فعليكم أن ترغبوا أولادكم الذين ليس لهم شغل إلا اللعب واللهو- ترغبونهم- في أن يقرءوا ما تيسر من القرآن، وأن يحفظوه في هذه المساجد؛ حتى يكونوا من أهل القرآن الذين مدحهم الله تعالى والذين يعملون به.
لا شك أن الولد- ذكرا أو أنثى- إذا حفظ القرآن وهو صغير؛ ألفه بعد ذلك وهو كبير، وسهلت عليه قراءته، وسهل عليه حفظه. فنقول: نوصيكم بأن تتعاونوا مع أولادكم وأن ترغبوهم. نوصيكم أيها الأولاد وأيها الشباب بأن تهتموا بحفظ القرآن، وأن تجعلوا أوقاتا لكم- أوقات فراغ- تقرءون فيها ما تيسر من القرآن وتحفظونه؛ لتكونوا من حملته، ومن العاملين به، ومن المهتمين به الذين يولونه عناية كبيرة في صغرهم وبعد كبرهم.
كذلك -أيضا- نوصي من رزقه الله تعالى القرآن سواء حفظا أو نظرا بأن يهتم بقراءته، وأن يجعل له كل يوم حزبا محددا يقرأه؛ حتى لا يكون في يوم من الأيام ينشغل عن القرآن كليا. اجعل لك وقتا تقرأ فيه جزءا أو جزأين أو نصف جزء. بعد صلاة الفجر -مثلا- تأخذ مصحفا في بيتك وتقرأ ما تيسر منه.
وكذلك -أيضا- بعد صلاة العشاء- يوميا- تقرأ ما تيسر منه جزءا أو جزأين أو نحو ذلك.

line-bottom