إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
محاضرة فضل القرآن الكريم
15348 مشاهدة print word pdf
line-top
فضل تدارس القرآن الكريم وتعليمه وتلاوته

وهكذا أيضا يستحسن أن يكون هناك اجتماع من أهل مسجد أو أهل حي إما في مسجد وإما في بيت أحدهم. يجتمعون عشرة أو عشرون يحفظون القرآن، يعرض كل واحد منهم ما يحفظ من القرآن، أو يعرض قراءته على الآخرين حتى يصوبوا قراءته.
وكذلك -أيضا- يقرءون في شيء من تفسيره، ويبحثون عن بعض الآيات التي يشكل معناها؛ ليدخلوا في الحديث. تذكرون الحديث وتسمعونه، وهو قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ما ذكر إلا أنهم يتلون كتاب الله تعالى يعني يقرءونه.
إذا اجتمعوا عشرة، قرأ أحدهم مثلا سورة وقرأ الآخر سورة، أو قرأ هذا جزءا وقرأ الثاني جزءا، أو قرأ هذا نصف جزء أو ربع جزء أو ثمن جزء، والآخرون يستمعون يستفيدون من سماعهم. وكذلك أيضا يصححون عليه خطأه، ويبينون له كيفية قراءة هذه الكلمة وما أشبه ذلك. لا شك أنهم بذلك يحصلون على هذا الأجر. ما أعظمه من أجر!
رأيت كثيرا في بعض القرى يفعلون ذلك. يجتمعون عليه ليلة في الأسبوع، أو ليلتين في الأسبوع. نجتمع هذه الليلة بالمسجد الفلاني، أو في بيتك يا فلان. يجتمع هؤلاء العشرة- الذين هم من جيران بعضهم، أو بعضهم بعيد من بعض- ثم يقرءون ما تيسر من القرآن. كل ليلة جزءا أو جزأين أو ثلاثة أجزاء؛ يحصل لهم هذا الأجر.
يقول في هذا الحديث: نزلت عليهم السكينة ينزل الله تعالى السكينة في قلوبهم التي يطمئنون بها، والتي أنزلها في قلوب أوليائه في قول الله تعالى: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى فإذا نزلت عليهم السكينة في قلوبهم اطمأنوا في حياتهم؛ فما أعظمها من فائدة!!.
وكذلك حفتهم الملائكة ؛ أي تحفهم الملائكة بأجنحتها، وذلك دليل على أنهم يعملون عملا صالحا. وكذلك تنزل عليهم الرحمة، يرحمهم الله تعالى. ورحمة الله تعالى قد كتبها للذين يتقون في قوله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ فهذا أيضا دليل على فضلهم... وكذلك يذكرهم الله تعالى في الملائكة، وتستغفر لهم الملائكة، فضل كبير بهذا الاجتماع.
كذلك أيضا نقول: إن مما يجب علينا أن نهتم بتعلم ما تيسر من القرآن. نتعلم ألفاظه، ونتعلم معانيه؛ كما ذكرنا أن الصحابة- رضي الله عنهم- يتعلمون ويعلمون. يذكر في الحديث الذي سمعتم، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث عثمان خيركم من تعلم القرآن وعلمه ؛ أي من اهتم به وتعلمه ولأن حامل القرآن الذي يعمل به يكون له فضل، ويكون له شرف يتميز به على غيره؛ إذا كان عاملا به.

line-bottom