شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
82365 مشاهدة
كلام الله هو القرآن حروفه ومعانيه

   وقوله:
(   وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات، ومن قرأه ولحن فيه؛ فله بكل حرف حسنة حديث صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام اقرءوا القرآن قبل أن يأتي قوم يُقيمون حروفه إقامة السهم لا يجاوز تراقيهم؛ يتعجلون أجره، ولا يتأجلونه وقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما : إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه ,   وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من كفر بحرف منه فقد كفر به كله واتفق المسلمون على عد سور القرآن، وآياته، وكلماته، وحروفه، ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفًا متفقًا عليه -أنه كافر، وفي هذا حجةٌ قاطعةٌ على أنه حروف. )


   شرح:
هذه الأدلة أدلة واضحة على أن القرآن فيه كلمات، وحروف، وآيات ، ونحوها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ( الم ) حرف ، ولكن ألِف حرف، ولام حرف، وميم حرف أخبر بأنه يثاب على هذه الحروف ، فدل على أن القرآن هو هذه الحروف، وكذلك من قرأ القرآن فأعربه من قرأ القرآن ولحن فيه الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ويقول صلى الله عليه وسلم: تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تَفَصِّيًا من الإبل في عقلها ويحث - صلى الله عليه وسلم - على تعلمه وتعليمه بقوله: خيركم مَن تعلَّم القرآن وعَلَّمه ويخبر صلى الله عليه وسلم عن فضل من يحمله مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب، وريحها طيب يعني: أنه يقرأ القرآن ، وأن القرآن قد امتلأ به قلبه وضميره.

   وكذلك ذكر كلام الصحابة في تفضيل إعراب القرآن؛ يعني: تجويده، وتحقيق كلماته على كثرة التلاوة، كل ذلك دليل على أنهم فهموا أن القرآن هو هذا المكتوب في المصاحف الذي هو كلمات وحروف.
  وكذلك اتفق أهل السنة، واتفق أئمة الأمة على أنه يجوز أن تُعدَّ كلماته، وأن تُعدَّ حروفه، وأن تُعدَّ آياته، وفي ذلك دليل على أن كلام الله هو هذا القرآن الذي فيه حروف، فالإمام الموفق رحمه الله في ذلك يشير إلى أن قول المعتزلة أنه مخلوق قول باطل.
  وكذلك قول الأشاعرة: إن الله لا يتكلم بحرف وصوت قولٌ باطل، فإنهم يريدون بذلك إبطال كون القرآن كلام الله؛ حروفه ومعانيه، فإن كلام الله هو القرآن؛ حروفه ومعانيه، ليس كلام الله الحروف دون المعاني ، ولا المعاني دون الحروف.
  ولما اشتهر عن شيخ الإسلام رحمه الله أنه يثبت أن الله يتكلم بكلام مسموع، أنكر عليه الأشاعرة، ولما أحضروه في مصر لمجادلته انتصب له أحد علماء الشافعية ووقف خصمًا له إذ رئيس القضاة في ذلك الوقت من الحنفية فقال له: أدعي على هذا الفقيه أنه يقول: إن الله يتكلم بحرف وصوت ، هكذا نقموا عليه قوله: ( إن الله يتكلم بحرف وصوت ) كأن هذه كبيرة عندهم، وكأن هذا أكبر الذنوب، وأكبر الكبائر، وأنه كفر، فلم يكن من شيخ الإسلام إلا أنه ذكر لهم الأدلة ، وطلب منهم أن يفسروها، فعجزوا عن ذلك ، فلبيان بطلان قول الأشاعرة اجتهد الشيخ في هذا الباب في أن يورد كثرة الأدلة التي تثبت أن كلام الله هو هذا القرآن حروفه ومعانيه.