لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
101850 مشاهدة
مسألة: في الميزان

  قوله:
( والميزان له كفتان ولسان يوزن به أعمال العباد فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ [ المؤمنون:102-103 ] ) .


شرح:
مما نؤمن به الميزان ، وقد ذكره الله تعالى في عدة سور ، فذكره في سورة الأنبياء ، قال تعالى : وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (الأنبياء:47) هذا دليل على أنه ميزان حقيقي توزن به الأعمال ، فيظهر فيه خفتها أو ثقلها، ولو كان العمل خفيفًا كحبة الخردل.
وقد ذكر الله أيضًا الذرة في قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (الزلزلة:7-8) والذرة هي : النملة الصغيرة، وماذا تزن؟! .
وذكر الله الميزان في قوله تعالى: الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُ (الأعراف :8-9) وكذلك ذكره في سورة المؤمنون وفي سورة القارعة، وكذلك وردت الأحاديث في وزن الأعمال.
وختم البخاري صحيحه: ما جاء في الميزان، باب: قول الله تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (الأنبياء:47) وأورد بعض الآيات وذكر حديث أبي هريرة كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن؛ سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده فاستشهد بقوله: ثقيلتان في الميزان.
وهذه الآيات دليل واضح على إثبات الميزان، وورد في الأحاديث أنه ميزان حقيقي له كفتان، وأنه توزن فيه الأعمال أو غيرها ، وأن له لسانًا يظهر ميله خفة أو ثقلا في لسانه، والكفتان اللتان توضع فيهما الأعمال.
ثم اشتهر عن المعتزلة أنهم أنكروا الميزان الحقيقي، وادعوا أن الميزان هو العدل في قوله تعالى : وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ( الأنبياء:47 ) أي: العدل، وقالوا: لا يحتاج إلى الوزن إلا البقالون ونحوهم، فأما الرب تعالى فليس بحاجة إلى أن ينصب ميزانًا، لأنه يعدل بين عباده، قال تعالى: وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ( الكهف:49 ) فأبطلوا دلالة هذه النصوص الصريحة التي فيها ذكر الميزان كقوله صلى الله عليه وسلم: والحمد لله تملأ الميزان ونحو ذلك من الأحاديث.

وأهل السنة أقروا بأنه ميزان حقيقي، وأن الله تعالى ينصبه لكل أحد، وأن كل إنسان له ميزان توزن فيه أعماله، سواءً كان ميزانا واحدا توزن فيه أعمال العباد، أو موازين متعددة ليكون ذلك أدل على العدل وعلى عدم الظلم، وأنه لا يعذب إلا من استحق العذاب.