الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
79365 مشاهدة
الشهادة بالتوحيد لله تعالى

وبعد إنـي بـاليقـين أشـهــد
شهــادة الإخـلاص ألا يعبـــد
بالحـق مألوه سـوى الرحـمـن
من جل عـن عيب وعـن نقصـان
هذه هي شهادة الحق، هي شهادة أن لا إله إلا الله، يقول إني أشهد بها شهادة اليقين، اليقين هو: الجزم بالشيء يعني إني موقن بها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: من قال لا إله إلا الله مُستيقنا بها قلبه دخل الجنة ؛ وذلك لأنه إذا استيقن قلبه، وامتلأ قلبه باليقين الذي لا يخالطه شك؛ فلا شك أنها تدفعه إلى التوحيد، وتحميه عن الشرك.
وكذلك قوله: ( شهادة الإخلاص )، (الإخلاص) هو في الأصل: تصفية الشيء، ومنه تخليص الشيء عما يخالطه، وإخلاص العبادة لله تعالى ألا يصرف منها شيء لغيره، ومنه قوله تعالى: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ وفي قوله: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ .
(ألا يعبد بالحق مألوه سوى الرحمن)؛ يعني أشهد بأنه لا أحد يستحق العبادة إله غير الرحمن، قال: لا يعبد؛ يعني بنوع من أنواع العبادة، ثم قيد ذلك بالحق، لا يعبد بالحق؛ وذلك لأن هناك معبودون؛ ولكنهم معبودون بغير الحق، الأوثان التي تعبد لا تعبد بالحق ولكنها تعبد بغير الحق أي بالباطل.
وقوله: (مألوه) المألوه هو: المعبود، والإله هو: الذي تألهه القلوب، أي تحبه وتعظمه وتخافه وترجوه؛ أي ليس هناك من تألهه القلوب محبة وقبولا ورضا وخوفا ورجاء وتوكلا سوى الرحمن؛ أي إلا الرحمن من أسماء الله تعالى الرحمن رحمة عامة لجميع خلقه، والرحيم رحمة خاصة بالمؤمنين.
نزه ربه بعد ذلك:
.....................................
من جل عـن عيـب وعن نقصـان
أي تقدس وتنـزه وتعالى وجل عن أن يلحقه في صفاته عيب أو نقصان؛ يعني موصوف –سبحانه- بصفات الكمال التي ليس فيها عيب كما نزه نفسه عن النقائص كقوله تعالى: لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ وقوله: لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ .