إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
79383 مشاهدة
كراهية السلف لتعليق التمائم كلها

ذكر بعد ذلك حديث أو أثر إبراهيم ؛ إبراهيم بن يزيد النخعي من أصحاب ابن مسعود من صغار أصحاب ابن مسعود قد يروي عنه بواسطة أبي وائل أو بواسطة علقمة أو بواسطة الأسود أو نحوه يقول: كانوا يكرهون التمائم كلها؛ من القرآن وغير القرآن، يحكي عمن كانوا أصحاب ابن مسعود ابن مسعود -رضي الله عنه- كان له تلاميذ في الكوفة قرءوا عليه، واختصوا به، وصاروا من الثقات العدول، وتتلمذوا أيضا على عائشة وتتلمذوا على ابن عباس وابن عمر وعلي وغيرهم؛ ولكن كان لهم خصوصية بابن مسعود فمنهم الأسود وعلقمة وإبراهيم وأبي وائل ونحوهم يسمون أصحاب ابن مسعود ؛ فكثيرا ما ينقل عنهم إبراهيم يقول: كانوا يقولون كذا، كانوا يفعلون كذا، يريد بذلك تلامذة ابن مسعود ومعلوم أيضا أنهم أخذوا ذلك عنه؛ لأنهم تتلمذوا عليه كثيرا؛ فلذلك كانوا يقتدون بأقواله وبأفعاله؛ وذلك لقدم صحبته، ولفضله، ولكثرة علمه.
روي أن عمر -رضي الله عنه- سأله عن مسألة فأجاب فيها، ثم مدحه بقوله: كنيف ملئ علما؛ أي: وعاء مملوء علما.
فدل ذلك على أن أصحاب ابن مسعود أخذوا عنه أنهم يكرهون التمائم كلها، فالسلف يطلقون الكراهة على التحريم، الكراهة التي هي كراهة تنزيه هذا اصطلاح عند الفقهاء، حيث قسموا الأحكام إلى خمسة أقسام: إلى واجب، ومستحب، ومباح، ومكروه، وحرام، ولكن السلف يطلقون الكراهة على التحريم، قد جاء ذلك أيضا في القرآن قال الله تعالى في آيات من سورة الإسراء يقول قال: وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ثم قال بعد ذلك: كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا فمعلوم أن هذه محرمة؛ فدل على أن الكراهة تطلق على التحريم، فابن مسعود يرى أن هذه التعاليق كلها محرمة من القرآن وغير القرآن.
قد ترجح لنا تحريم التعاليق إذا كانت من القرآن؛ لما ذكر العلماء من هذه الأدلة، تجدون التوسع في ذلك في: تيسير العزيز الحميد ، وفي: فتح المجيد ، وفي سائر الشروح التي خدمت هذا الكتاب، والله أعلم، وصلى الله على محمد .