إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
79350 مشاهدة
حكم من يصدق الكهان

يقول:
ومـن يصـدق كاهنا فقد كفر
بما أتـى بـه النبي المعتــبر
هذا يتعلق بالكهانة، الكاهن: هو الذي يخبر بالمغيَبات وهو أيضا يخدم الشياطين حتى تخبره، يتقرب إليها، والشياطين لا تعلم الغيب يعني: الأمور الغيبية ولكنها تطلع على أشياء لا يطلع عليها الإنسان، فيأتي الذي سُحر؛ يأتي الذي مثلا سرق منه مال فيسأل الكاهن فيخبره شيطانه أن السارق هو فلان أو صفته كذا وكذا، فالشيطان يمكن أنه رأى ذلك السارق حين سرق، ويسأله الذي فقد مالا أو ضلت دابته، فيخبره ويقول: تجده في المكان الفلاني، تجد دابتك في الشِعب الفلاني.
الشيطان له اطلاع على ما لا يطلع عليه الإنسان؛ فيتكلم على لسان ذلك الكاهن، وقد يكون ذلك بما يسترقون من السمع؛ قال الله تعالى: إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ يعني: أن الشياطين تسترق السمع من الملائكة، وأحيانا ينزل الشيطان بذلك الخبر الذي سمعه من الملائكة فيخبر به وليه من السحرة أو من الكهنة؛ كما قال في الحديث، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي أخذت السماوات منه رجفة أو قال: رعدة شديدة خوفا من الله -عز وجل- فإذا سمع ذلك أهل السماوات؛ صعقوا، وخروا لله سجدا؛ فيكون أول من يرفع رأسه جبريل فيكلمه الله موحيا بما أراد ثم يمر جبريل على الملائكة، فيقولون: ماذا قال ربنا؟ فيقول: قال الحق وهو العلي الكبير، فيقولون: كلهم مثل ما قال جبريل فيسمعها مسترق السمع ، ومسترق السمع هكذا، - وصفه سفيان - بكفه فحرفها، وبدد بين أصابعه فيسمع الكلمة فيلقها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن .
فالحاصل: أن ما أخبروا به من الأمور المستقبلة فإنه من وحي الشياطين التي تسترقه من السمع؛ فلذلك الكاهن عابد للشيطان؛ فلذلك ورد تكفيره، تكررت الأحاديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: من أتى كاهنا فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- إذا كان هذا في الذي يصدقه؛ فكيف بالكاهن نفسه؟! لا شك أنه أشد كفرا؛ ورد في الحديث عن عمران بن حصين مرفوعا قوله -صلى الله عليه وسلم- ليس منا من تَكهن أو تُكهن له أو سَحر أو سُحر له أو تَطير أو تُطير له، ومن أتى كاهنا، فسأله عن شيء فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد فهذا دليل على أن الكاهن كافر إذا كان الذي يأتيه كافر.
وكونه كفر بما أنزل على محمد يعني: كفر بما أمر الله -تعالى- به من الأمر بالشرع، وأن الغيب لا يعلمه إلا الله، وأنه عبد غير الله -تعالى- فهذا منتهى ما ذُكر في هذا الباب، والفصل الذي بعده يتعلق بأركان الإسلام، وأركان الإيمان، وأركان الإحسان، وما يتفرع منها. لعلنا إذا يسر الله نقرؤه بعد ذلك في دورة أخرى. والله أعلم، وصلى الله على محمد .
أسئلة
س: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله يقول السائل: هل يعتبر ما يسمى بالتنويم المغناطيسي أو ..من السحر أم لا؟
يظهر أنه من أنواع العلاج التنويم هذا، أعني علاج يجعل على الإنسان حتى ينوم، كذلك أيضا أنواع البنج والتخدير لا تدخل في السحر في الظاهر.
س: يقول: ما.. التسميع وهو أن يأتي المُسمِع أو من يسمى بالمُسمِع ..وبعضهم.. فما في ذلك؟
أرى أن هذا داخل في عمل السحرة؛ لأن السحر أنواع كثيرة؛ يعني: منه ما يتعلق بالسمع، وما يتعلق بالبصر، وما يتعلق بالأعمال، وكل ذلك من وحي الشياطين، وكذلك التكهن ما يسمى بقراءة الكف، وبقراءة الفنجان؛ كل هذا أيضا من عمل السحرة: أحدهم يأخذ يده فيقول: أنت سوف تمرض بكذا أو سوف يموت قريبك بعد كذا، قد يصادف ذلك أنه يقع، وقد لا يقع، إما وقوعه فمن باب المصادفة، أو من وحي الشيطان، الشيطان قال له: إن هذا سيفعل كذا أو يتكلم الشيطان على لسانه.
س: يقول: ما الفرق بين الجن والشياطين ؟
لا شك أن مردة الجن شياطين، ولا شك أن الجن خلقوا مما خلق منه الشيطان، خلقوا من النار لكن المؤمنون منهم لا يسمون شياطين، ولا شك أن إبليس وجنوده وذريته كلهم شياطين، وكذلك مردة الجن يلحقون بالشياطين؛ ولذلك قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فجعلهم شياطين من الجن.
س: يقول: هل يكفر الساحر مطلقا أم أننا نأمر ..فإن أقر فإنه يقتل وهل يقتل..أم ..
الجمهور على أنه يكفر، وفصل في ذلك الشافعي وقال: لا نكفره حتى نسأله فنقول: صف لنا سحرك. والصحيح إذا قيل له: صف لنا سحرك فإنه إذا عرف أنه سوف يقتل سوف ينكر، ويقول: لست بساحر ولا أعلم شيئا، فإذا ثبت سحره، واشتهر ذلك منه حكم بكفره، وكذلك حكم بقتله؛ لما ثبت من الأدلة في أنه كافر، وفي أنه يقتل، واختلف في استتابته فقيل: إنه إذا تاب فيما بينه وبين الله نفعته التوبة؛ لأن التوبة تجب ما قبلها، ولكن إذا اشتهر عنه هذا العمل فإن التوبة لا تدرأ عنه الحد، ولا تمنع من قتله.
س: يقول: كيف يكون سحر خفة اليد وهل إذا أعطانا الله قوة على عمل بعض الحركات الخفيفة تعد سحرا وهل .. سحرا ..خفة اليد استعانة الشياطين.
(قراءة الكف) لا شك أن هذا كله يعني: إذا كان فيه شيء مخالف لما هو معتاد ومعروف عند الناس؛ فإنه من عمل الشياطين، سواء خيالا وشعبذة، أو أنه عمل ظاهر حقيقي، فكل ذلك داخل في السحر. يستثنى من ذلك عمل الجيولوجيين الذين يخبرون بالماء في جوف الأرض؛ وذلك لأنهم يعتمدون على دراسة وعلى آلات يعرفون بها الأماكن التي فيها الماء ونحوه؛ وذلك لأن الماء في جوف الأرض يعرف بعلامات؛ يعني: يقولون الأرض التي ينبت فيها الشجر كثيرا يدل على أن هذا بخار من الماء الذي في جوف الأرض، والأرض الصلبة التي يزل عنها الماء يدل على أنه ليس في جوفها ماء، فمثل هذا، لا يدخل في السحر.
س: يقول: ..من .. وقالوا ربما أنه عنده سحر يدعي أنه .. من السحر وطلب منه مبلغ خمسة آلاف ريال.. أعطوه المبلغ وبعد العلاج لم يتم لهم ما وعدهم واكتشفوا أن هذا الرجل دجال ..يأخذ أموال الناس بالباطل والسوءال هل هذا الرجل لا تقبل له صلاة أو .. مع العلم وأنه .. إلا بعد ما.. وهل من حق هذا الرجل أن يطالب .. الذي أخذه ..
يكثر من هؤلاء الذين يدعون أنهم يعالجون السحر أن قصدهم أكل أموال الناس بالباطل، فيُظهر أنه يعالج وأن علاجه شرعي، وأنه يعالج بالرقية، وإذا نظرنا وإذا قصده أن يحظى بهذا المال: أعطوني ألفا أو خمسة آلاف أو نحو ذلك، ثم قد يكون علاجه بالسحر بأن يستخدم الشيطان حتى يخبره الشيطان بمحل السحر، يتكلم على لسانه ويقول: إنه يوجد في المكان الفلاني، مدفون في مكان كذا وكذا، ويعتبر هذا ساحرا يعني: أنه استخدم الشيطان حتى أخبره، وأحيانا يكون من الدجالين الكذابين؛ ولذلك لا يؤثر علاجه، وإنما قصده المال.
فنقول: هذا الذي ذهب إليه وسأله إن كان يعلم أنه من الكهنة، ومع ذلك ذهب إليه فقد أتى عملا منكرا، متوعد بقوله: إذا صدقه بما يقول فقد كفر وإن لم يصدقه إلا في تلك المسألة ردت صلاته أربعين يوما، أما إذا كان جاهلا ويعتقد أنه ممن يعالج، وأن علاجه شرعي فإنه معذور بذلك، ثم على هذا له المطالبة؛ له أن يطالب بالمال الذي دفع إليه: أنك وعدتني بالشفاء لهذه المرأة ولم يحصل؛ فرد علي هذا المال، وله أن يرفع بأمره إذا كان في داخل المملكة لعله أن يقام عليه الحد.
س: يقول: هل يعتبر من .. الرقية الشرعية يدخل في قوله - صلى الله عليه سلم – ولا يسترقون لأنه هؤلاء يدخلون الجنة بغير حساب.
خلاص أنت. لا شك أن الرقية جائزة إذا كانت شرعية، والذين مُدحوا في الحديث بقوله: لا يسترقون ولا يتطيرون جمعوا هذه الخصال العظيمة؛ فلذلك صاروا من هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب، ولكن لا شك أن صفتهم صفة نادرة، ونقول: على المسلم أن يتحمل ويصبر، فإذا- يعني- نفد صبره فله إن يعالج بالرقية الشرعية ولا حرج عليه.
س: يقول: عندما أناصب بعض أصحاب بدع وضلال يوجهون إلي أسئلة تحتاج إلى دليل من الكتاب والسنة ، وأسئلة تحتاج إلى .. أو .. ولا يحضرني ذلك فهل أكتفي بإنكاري فقط عليهم أم ماذا أفعل ؟
لا شك أن هذه قد تكون تكلفات لا حاجة بهم إليها تلك الأسئلة سواء كانوا مبتدعة، أو كانوا من أهل السنة، ولكن يتقعرون ويسألون، فمثل هذه الأسئلة الأولى أن لا يجيبهم عنها، ويردهم إلى العلماء، أو يردهم إلى أجوبة أهل العلم وكتب العلماء.
س: السؤال الأخير يقول: إذا حجبت الشمس بغيوم ولم ترى ما هو كسوف أو.. فما الحكم فهل تصلى .. لحديث فإذا رأيتموه فافزعوا إلى الصلاة هل تكون الرؤيا شرطا للصلاة أم العلم به .. وسائل الإعلام .. للصلاة .. على الرؤيا؟
الصحيح أنهم إذا رأوها صلوا وإلا فلا؛ لأن الرسول قال: فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة فإذا حال دونها سحاب، ولم ترى حتى تجلت فلا يلزمهم ولو علموا ذلك، إذا رأوها ولو مرة واحدة ولو جانبا منها فإنهم يصلون، نتوقف على هذا الدرس إلى وقت آخر أو سنة قادمة إن شاء الله . والله أعلم وصلى الله على محمد .