لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
79367 مشاهدة
النهي عن البناء على القبور

وقد حسم النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الأسباب التي تدعو إلى أن يجعل مع الله معبود أيا كان ذلك المعبود، وخاف على أمته أن يقعوا في الشرك كما وقع فيه الأولون؛ فلذلك حرم وسائله؛ وذلك لأن الوسائل لها أحكام في المقاصد، فقد نهى عن البناء على القبور، لماذا؟ لأنه إذا بني على القبر بناية وارتفع بها؛ ظن العامة أن لهذا المقبور خصوصية؛ فتوجهت إليه قلوبهم، وسألوا من صاحب هذا القبر؟ هذا يمكن أنه ولي، ما رُفع قبره وبنيت عليه هذه البناية الرفيعة إلا وله شأن وله مكانة؛ فينخدعون به؛ لأن العامة لا يتصورون أو لا يستحضرون الأدلة التي يعرف بها أنهم مخلوقون، وأنهم لا يملكون نفعا ولا ضرا.
فلذلك نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبنى على القبور، ونهى أن تجصص، ( الجص ): هو هذا التشييد الأبيض، إذا جصص القبر وأصبح يلمع بياضا خيل إلى من رآه، أنه قبر ولي أو سيد؛ فتوجهت إليه هممهم؛ فلذلك نهى عن تجصيص القبور ،كذلك أيضا نهى عن البناء عليها، يعني أن يكتب عليها كتابة وأن يبنى عليها، وأن تجصص، كل هذه نهى عنها ، عن إسراجها، وعن تجصيصها، وعن الكتابة عليها، وعن رفعها، والبناء عليها؛ فهذه هل تكون شركا ؟ لا تكون شركا بنفس الفعل، ولكن تكون وسيلة من الوسائل التي تدعو العامة إلى الغلو فيها؛ فلذلك نهى عنها، ولا شك أن من بنى عليها أو اتخذها مسجدا؛ فإنه قد استحق العقوبة.