الإسلام والإيمان والإحسان
وجوب اتباع النبي وطاعته ومحبته
لا شك أن معنى شهادة أن محمدا اسم> رسول الله معناها أنه مرسل من الله، والرسول هو الذي يحمل رسالة يبلغها إلى غيره، والرسل هم الوسطاء بين الله وبين خلقه أرسلهم برسالته، رسالته التي أرسلهم بها هي عبادته كل واحد منهم يقول: إني رسول الله إليكم، إني مرسل من الله أرسلني إليكم حتى تعبدوه، وحتى تطيعوه وحده، وتتركوا عبادة غيره، فالرسول هو الذي يحمل الرسالة من قوم إلى قوم، يحمل الرسالة من الله تعالى، الرسل يحملونها من الله ويبلغونها لعباد الله.
إن كان رسل الملوك مثلاً الملك إذا أرسل واحدًا إلى أهل قرية فإنه يقول: أرسلني إليكم الملك فلان أن اعملوا كذا اغزوا في وقت كذا، أو أعطوا من أموالكم كذا وكذا، فرسل الله هم حملة شريعته الذين يبلغونها إلى الأمة، وذلك لأن الأمة يعني الناس يجهلون إذا لم يأتهم من يعلمهم، فلا يعرفون حق الله عليهم حتى يأتيهم رسول من الله فيبلغهم ويتلو عليهم ما أنزل عليه.
كما في قول الله تعالى: رسم> رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ قرآن> رسم> .
فهذا هو الرسول يعني المرسل نبينا محمد اسم> - صلى الله عليه وسلم- رسول من الله تعالى، ورسالته هي هذه الشريعة التي بلغها، وله على أمته حقوق:
الحق الأول: الإيمان برسالته:
نؤمن به ونصدق رسالته أمرنا الله تعالى بذلك فقال: رسم> فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا قرآن> رسم> يعني: القرآن، ومن آمن به صدَّق واعتقد أنه مرسل من الله تعالى، من آمن به صدق بكل ما جاء به فيكون بذلك صادقًا في أنه مؤمن برسالته، وضد الإيمان الكفر والتكذيب، ويقول صلى الله عليه وسلم: رسم> أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به متن_ح> رسم> الإيمان به وبما جاء به تصديقه بكل ما جاء به وتقبله.
من حقوقه ثانيا: طاعته، أمر الله تعالى بطاعته وجعل فيها الأجر، ونهى عن معصيته وجعل فيها العذاب، فقال تعالى: رسم> مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ قرآن> رسم> وقال: رسم> وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا قرآن> رسم> وقال: رسم> وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ قرآن> رسم> ثم قال: رسم> وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا قرآن> رسم> فدل على وجوب الطاعة، الطاعة هي الامتثال، طواعيته- صلى الله عليه وسلم- هي امتثال ما أمر به بأن يقول المؤمن: سمعًا وطاعة سمعنا وأطعنا ولا يقول: سمعنا وعصينا، قال الله تعالى: رسم> وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ قرآن> رسم> وذم اليهود الذين قالوا: رسم> سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا قرآن> رسم> دل على أن واجب المؤمن هو الطاعة، وأن من يطع الرسول فقد أطاع الله، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> كل الناس يدخل الجنة إلا من أبى. قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى متن_ح> رسم> فجعل طاعة الله تعالى وطاعة رسوله هي سبب دخول الجنة، وجعل معصيته سببا لدخول النار: رسم> من عصاني فقد أبى متن_ح> رسم> .
من حقه -صلى الله عليه وسلم- ثالثًا أن نتبعه، وقد جعل الله تعالى اتباعه فيه الخير بعد أن أمر بالإيمان به قال تعالى: رسم> فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ قرآن> رسم> .
فاتباعه سبب للهداية، فمن لم يتبعه لا يصير من المهتدين، اتباعه السير على نهجه والسير على منواله وعلى سنته وفعل ما أمر وترك ما نهى عنه؛ لأنه إنما يأمر بما أمره الله به وينهى عما نهاه الله عنه. هذا هو حقيقة اتباعه قال الله تعالى: رسم> قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم قرآن> رسم> .
هذه فائدة عظيمة من فوائد محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن فوائد اتباعه قال بعض العلماء: إن هذه الآية رد على اليهود والنصارى الذين يدعون محبة الله ولم يتبعوا رسُله قال الله تعالى: رسم> وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قرآن> رسم> يعني نحن نحب الله والله يحبنا.
فاختبرهم الله تعالى، وقال أين اتباعكم لما جاء عن الله تعالى: رسم> إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ قرآن> رسم> فمن أحب الله وأحب نبيه -صلى الله عليه وسلم- فإن لهذه المحبة علامة وهي الاتباع والطواعية.
يقول بعض السلف: من ادعى محبة الله ولم يوافقه فدعواه باطلة، أي: هو كاذب، ويقول آخر لما قيل له متى أحب ربي؟ قال: إذا كان ما يبغضه أمرَّ عندك من الصبر أي: فإذا كان أمر عندك من الصبر يعني: المعاصي أمر عندك من الصبر كان ما يحبه ألذ عندك وأحلى من العسل.
وعرفنا أن اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- حق من حقوقه، وأن على المسلمين أن يحبونه بكل قلوبهم، وأن تكون محبته تحملهم على طواعيته.
هناك من يقول: إننا نحب الرسول وإذا أحببناه فإننا نسأله وإننا نعظمه، فنقول: هذا من الخطأ، محبته إنما هي اتباعه وطواعيته، فأما الذين يدعونه مع الله فإن هؤلاء قد عصوا، نعتقد أنه -صلى الله عليه وسلم- بشر ما خرج عن كونه من البشر بل هو إنسان، قال الله تعالى: رسم> قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ قرآن> رسم> ميزه الله بأن أوحى إليه هذا القرآن، أنزله بواسطة الملك وإلا فإنه بشر مثلنا، ولكن هذه الميزة جعلته يحب ويطاع ولكن مثل ما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب اسم> -رحمه الله- في معنى شهادة أن محمدا اسم> رسول الله طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع.
هذه حقيقة شهادة أنه رسول الله فنطيعه بكل ما أمر؛ لأنه لا يأمر إلا بأمر ربه، ونترك ما نهى عنه وزجر، لا ينهى إلا عن الشيء الضار بنا، وكذلك نصدقه فيما أخبر به، وكذلك نقتصر على شرعه ولا نتعبد بشرع ما أتى به فنكون مبتدعين.
وفي تفسيرها في موضع آخر أن محمدًا اسم> عبده ورسوله، أنه عبد لا يعبد، ورسولٌ لا يكذب، بل يطاع ويتبع، بمعنى أنه عبد ولكن هذه العبودية أكسبته شرفًا، فإن عبوديته لله شرف وليس فيها نقص، وكذلك عبوديتنا، كونك عبدًا لله هذه العبودية لله شرف ورفعة، فلا يكون لعبوديته لله تعالى نقص عليه. هذا هو حقيقة شهادة أن محمدًا رسول الله.
أما الذين غلوا فيه وجعلوا له شيئًا من حق الله فإنهم قد خالفوا ما جاء به؛ لأن حق الله تعالى هو الإلهية لا يصلح منه شيء لملك مقرب ولا لنبي مرسل.
حق الله تعالى عبادته.
كذلك الذين رفعوا قدره عما هو عليه كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب التواضع فكان يجلس على الأرض من باب التواضع ويقول: رسم> إنما أنا عبدٌ أجلس كما يجلس العبد، وآكل كما يأكل العبد رسم> يعني: أنه لا يرفع نفسه ولا يشمخ بأنفه، بل يتواضع لربه تواضعا كليًّا، كذلك أيضا نهى عن إطرائه ورفعه بقوله: رسم> لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم اسم> إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله متن_ح> رسم> وكذلك ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أن رجلًا قال له: ما شاء الله وشئت فقال: رسم> أجعلتني لله ندًّا قل ما شاء الله وحده رسم> أي: لا تجعل مشيئته قرينة لمشيئة الله فتكون قد جعلته ندًّا لله.
فهذا هو حقه، حقه الاتباع والطواعية وعدم مخالفته فيما جاء به، وعدم معصيته توعد الله تعالى على معصيته بعذاب قال تعالى: رسم> فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قرآن> رسم> لعلنا نكتفي بهذا فيما يتعلق بالشهادتين.
مسألة>