شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
باب إطعام الطعام من الإسلام
وسأله آخر عن الإسلام فأرشده إلى هذا الجواب، وذكر له رد السلام وإطعام الطعام؛ فقوله: تطعم الطعام؛ كأن الذي سأله عنده جِدَة وعنده ثروة ومال، وكأنه أيضا لاحظ عليه عدم رد السلام، أو عدم ابتداء السلام؛ فجعل هذه من خصال الإسلام، ومن خصال الإيمان.
يقول: رسم> تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف متن_ح> رسم> إطعام الطعام؛ يعني الصدقة أي: تتصدق على الفقراء وعلى المساكين وعلى المستضعفين؛ بأن تصلح لهم طعاما، وتدعوهم فيأكلوا حتى يشبعوا، أو تعطيهم ما يكفيهم في منازلهم، ويختص هذا بمن قصد بذلك الأجر، ويدخل في ذلك أيضا جميع الصدقات؛ صدقة على ذوي القربى، وصدقة على اليتامى ونحوهم؛ أي المذكورين في الآية الكريمة: رسم> وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ قرآن> رسم> كل هؤلاء إذا أطعمتهم، فإن هذا الإطعام من خصال الإسلام، رسم> تطعم الطعام، وتقرأ السلام متن_ح> رسم>.
تقرأ السلام؛ يعني: تبتدئ من لقيته بالسلام؛ سواء عرفته أو لم تعرفه، وقد أمر الله تعالى بالسلام في قوله تعالى: رسم> لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا قرآن> رسم> وفي قوله تعالى: رسم> فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ قرآن> رسم> يعني: على من كان فيها، فإنهم منكم وإخوانكم؛ فجعل السلام من خصال المسلمين، وقال: رسم> تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً قرآن> رسم> فرد السلام وابتداؤه من خصال الإسلام، وابتداؤه أفضل؛ ولكن قالوا: الابتداء بالسلام سنة ورده واجب؛ يعني: أنك إذا ابتدأت من لقيته بالسلام فهذه خصلة من خصال الخير؛ فعلتها وسبقته إليها، وأما إذا ابتدأك فإنه يجب عليك أن ترد عليه فتقول: عليكم السلام، أو وعليكم السلام.
قيل: إن السلام كلمة دعاء؛ ولأجل ذلك جاءت في القرآن كثيرا بالتنكير كقوله تعالى: رسم> إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ قرآن> رسم> وكذلك في آيات كثيرة: رسم> سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ قرآن> رسم> رسم> لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا قرآن> رسم> رسم> وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ قرآن> رسم> رسم> وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ قرآن> رسم> وأشباه ذلك مذكور بكلمة سلام. فتكون دعاء؛ يعني: سلمكم الله؛ سلمكم الله من كل الشرور التي تخشونها، فيكون هذا دعاء؛ لكن إذا جاء معرفا كقوله: رسم> وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى قرآن> رسم> وقول عيسى اسم> رسم> وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ قرآن> رسم> فإن هذا قيل: إنه اسم من أسماء الله؛ من أسماء الله السلام، كما ذكر في آخر سورة الحشر: رسم> هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ قرآن> رسم> فعلى هذا كأنك إذا قلت: السلام عليكم؛ أي اسم الله عليكم؛ الذي يعمكم بالخير، ويعمكم بالبركة، وأشباه ذلك؛ فتحصَّل أن رد السلام من الإسلام، وكذلك ابتداؤه على من عرفت ومن لم تعرف؛ يعني: على أجنبي لا تعرفه، أو على صاحب تعرف اسمه، وتعرف من هو.
جاء الأمر بالسلام في عدة أحاديث، فذكروا أن ابن عمر اسم> رضي الله عنه كان يدخل كثيرا في الأسواق؛ فدخل مرة ومعه الطفيل بن أُبَيِّ بن كعب اسم> فقال له الطفيل اسم> ماذا تصنع بالسوق وأنت لا تشتري ولا تبيع؟ وكان الطفيل اسم> ذا بطن، فقال: يا أبا بطن: إنما ندخل لأجل السلام؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم> تسلم على من عرفت ومن لم تعرف متن_ح> رسم> فأفاد هذا أن السلام سنة؛ يعني ابتداؤه، وأن رده واجب.
مسألة>